تمهيد
منذ سنوات والنزاع بين دولة الإمارات وإيران على الجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى يشد الباحثين من مختلف أنحاء العالم لعدة أسباب : فمنهم من يرى فيه انعكاساً لتقلبات السياسة الدولية ، ومنهم من يعتقد أنه ترجمة لنزاع تاريخي بين العرب والإيرانيين . وهناك أيضاً من يرى أن موضوع الجزر ما هو إلا ردة فعل لعوامل السياسة الداخلية في كل من إيران والعالم العربي . لكن الواقع أن مسألة الجزر تسترعى الاهتمام لأنها من النزاعات الحدودية القليلة الموثقة توثيقاً جيداً . فكلا الدولتين : الإمارات العربية المتحدة وإيران تستند إلى مصادر رئيسية هي عبارة عن مخطوطات ورسائل وخرائط يعود بعضها إلى أكثر من مئة سنة مما يجعل دراسة الموضوع وكأنه رحلة عبر تاريخ منطقة الخليج يكتشف المرء خلالها وقائع إقليمية ودولية كان لها تأثيرها في صنع تاريخ تلك المنطقة المهمة من العالم .
أهمية الدراسة
لا شك أن استمرار احتلال الجزر الثلاث من قبل إيران هو أهم البؤر التي تؤجج التوتر في المنطقة بين الحين والآخر ، وهذا هو بالتحديد ما دفعنا للقيام بدراسة موضوعية موثقة لهذه القضية الحساسة .وإذا كنا قد اخترنا هذا الوقت بالذات للكتابة عن موضوع الجزر الثلاث والتي احتلتها إيران في نوفمبر 1971م فذلك لأربعة اعتبارات هامة :1 - أن إيران وبكل المقاييس هي قوة عظمى في الخليج ولا يمكن الاستغناء عنها في أي إستراتيجية فعالة للمحافظة على الأمن والاستقرار بالمنطقة . ويبدو أن إيران - في الوقت الحاضر - تحاول إعادة النظر في الخريطة الأمنية لمنطقة الخليج .2 - أن الجغرافيا جعلت من التعاون بين إيران ودول الخليج العربية قدراً لا يمكن الإفلات منه بأي شكل من الأشكال . وقد ساهمت السياسة بنصيبها في هذا الاتجاه حين تمخضت الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 23 مايو 1997م عن فوز الرئيس محمد خاتمي الذي اعتبر - في نظر معظم المحللين - بمثابة بداية مرحلة من تطور إيران من الثورة إلى الدولة . لقد أكدت الفترة الوجيزة من حكمه على صحة تصريحاته المبدئية من أن السياسة الخارجية لإيران ستركز على تحقيق الانفراج وإزالة التوتر في العلاقات مع الدول وخاصة دول الجوار العربية ... فإلى أين أدت هذه التوجهات ؟ هذا ما تثيره الدراسة في طرحها لأسلوب تعامل الحكم الجديد مع قضية الجزر الثلاث .3 - أن واقع الوجود العسكري الأمريكي بالمنطقة على إثر حرب الخليج الأخيرة قد فرض بحساسياته دوراً حتمياً لدول مجلس التعاون لتخفيف حدة التوتر في العلاقات بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وإعادة فتح قنوات الاتصال بينهما ... وتقع قضية الجزر في صلب الموضوعات التي تقف عائقاً في سبيل هذا الانفراج في علاقة إيران بكل من الدول العربية والغربية معاً .4 - أن الموضوع برمته يحيط به الغموض ويحتاج إلى من يتصدى له بالتوضيح والشرح ... وقد آن الأوان لتقديم هذا التوضيح لقضية هي في الواقع شائكة ولها جذور من الماضي غير القريب .
مشكلة البحث
تسعى الباحثة إلى الإجابة عن مجموعة من الأسئلة الهامة التي أحاطت بالنزاع الإماراتي - الإيراني حول الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) وهي : أولاً : ما هي الأهمية الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية للجزر الثلاث : أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ؟ ويقدم الفصل الأول الإجابة على هذا السؤال المبدئي للمشكلة . ثانياً : ما هي أسباب النزاع حول الجزر الثلاث ؟ وما هي أبعاد المواقف المتباينة للأطراف ذات الصلة بالنزاع : دولة الإمارات العربية المتحدة ، جمهورية إيران الإسلامية ، المملكة المتحدة والدول ذات النفوذ بالمنطقة ؟ويجيب الفصل الثاني على هذا التساؤل الهام . ثالثاً : ما هي احتمالات الصراع والتسوية بين طرفي النزاع ؟ وما هي المخاطر التي يتمخض عنها إبقاء المشكلة بدون معالجة ؟ وقد تصدت الباحثة في الفصل الثالث بأسلوب تحليلي موضوعي للإجابة على هذا التساؤل الجوهري .
هدف الدراسة
إن هدف أي دراسة علمية هو محاولة الكشف عن الحقيقة ، والواقع أن قضية الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) هي موضوع - كما أسلفنا - يحيط به الغموض ويحتاج إلى توضيح وشرح كما أن الجدل الدائر بين مؤيدي الطرفان (الإمارات وإيران) قد تسبب في زيادة الغموض أكثر من توضيح أبعاد النزاع . لذا فقد هدفت الدراسة إلى تحقيق ما يلي : أولا : كشف حقيقة النزاع ، وتتبع أسبابه التاريخية استعانة بالوثائق الداعمة والمؤيدة . ثانيا : إلقاء الضوء على الدوافع الظاهرة والخفية التي أدت تفاعلاتها إلى خلق هذه المشكلة ، وتداعياتها منذ بدايتها حتى وقتنا الحاضر .
منهج الدراسة
تفرض طبيعة الموضوع السياسية حول السيادة على الجزر منهجاً للدراسة محايداً نستعين فيه بالوثائق والمحررات التي سمح بنشرها سواء من حكومات الدول المتنازعة أو الدولة المستعمرة (بريطانيا) ، ومن ناحية أخرى كان للتاريخ دوره في إضفاء طابع الدارسة المبني على عرض متسلسل للأحداث التي أدت الأزمة ... وكأن الاستقراء يتم في هذه الدارسة بعيون من سجلوا تاريخ المنطقة . أما الاستنباط فهو الركيزة الثانية للمنهج العلمي والذي استخدمته الباحثة للوصول إلى النتائج المنطقية دون تحيز أو إنحياز .
عناصر الدراسة
تتألف الدراسة من ثلاثة فصول كالآتي :
الفصل الأول : الجزر الثلاث ماهيتها وأهميتها : - جزيرة أبو موسى .- جزيرة طنب الكبرى .- جزيرة طنب الصغرى .
الفصل الثاني : تاريخ النزاع حول الجزر الثلاث : - جذور النزاع .- احتلال إيران للجزر ومذكرة التفاهم . - الموقف حول الجزر في الوقت الراهن .
الفصل الثالث : احتمالات الصراع والتسوية . - المبررات الإيرانية للسيطرة على الجزر . - المبررات الإماراتية في شأن ملكيتها للجزر الثلاث . - الوضع القانوني للجزر ومسألة التحكيم . - احتمالات الصراع والتسوية .
الفصل الأولالجزر الثلاث : ماهيتها وأهميتها
المقدمة : على الرغم من وقوع عدد من الموانئ الكبيرة والمدن التجارية على شواطئ الخليج العربي، إلا أن الجزر القائمة فيه وخاصة قبالة مدخله (جزيرتا طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسي) تتمتع بميزات إستراتيجية مهمة مما جعل التركيز على احتوائها والسيطرة عليها هدفاً سعت إليه قوى عديدة في طليعتها إيران إضافة إلى القوى الغازية التي وفدت على المنطقة منذ العصور الماضية .
والجزر الثلاث بموقعها وأهميتها أشبه بالصمام الذي يشرف على الشريان المائي والملاحي الذي يمثله الخليج العربي المرتبط ببحر العرب والمحيط الهندي من جهة الشرق والبحر الأحمر من جهة الغرب .
وقد أثبتت الأحداث التي مرت بالمنطقة منذ السبعينات تزايد الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي ، وكذلك أظهرت هذه الأحداث حرص الدول الكبرى والدول الصناعية على وجه الخصوص بتوطيد علاقاتها بمنطقة الخليج العربي والعمل بكل السبل المتاحة للحفاظ على مصالحها فيها .
والخليج العربي بواقع الحال يمثل إلتقاءاً لطرق المواصلات البحرية لكل من آسيا وأفريقيا وأوروبا ، كما يمثل منطقة التقاء الطرق التجارية المختلفة بين هذه القارات . وتنبع الأهمية الكبرى للخليج وما يتضمنه من جزر من كونه يتحكم بتصدير النفط من مناطق إنتاجه في الدول المطلة عليه إلى الدول المستوردة في أوروبا وأمريكا واليابان . وتشير الإحصائيات إلى أن الولايات المتحدة تستورد من دول الخليج ما يزيد على 60% من احتياجاتها من النفط المستورد ، وتستورد اليابان80% وأوربا الغربية حوالي 50% من احتياجاتهما النفطية من الدول المطلة على الخليج العربي .
وفي دراسة لخبراء الاقتصاد والسياسة في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في جامعة جورج تاون الأمريكية أن 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط تمر من مضيق هرمز بشواطئ الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) ، وأن هذه النسبة تشكل نصف الطاقة التي تعتمد عليها صناعات العالم واقتصاده وحياته اليومية(1) .
ولقد انعكست الأهمية الاقتصادية للخليج العربي على أهميته الإستراتيجية والعسكرية مما حرك أساطيل الدول ذات المصالح البترولية والتجارية نحو الخليج في محاولات لإقامة قواعد عسكرية بالقرب من مدخله في المحيط الهندي وفي مواقع أخرى ذات صلة بالدول المطلة على الخليج العربي .
خصائص الجزر وأهميتها :قبل الدخول في تفاصيل حول أهمية كل من الجزر الثلاث يمكن إجمال المميزات التي تتيحها السيطرة على هذه الجزر وامتلاكها في النقاط الآتية : -1 - موقعها الإستراتيجي الممتاز في مدخل الخليج مما يجعلها تتحكم بحركة السير فيه ومن يسيطر على هذه الجزر يسيطر على مضيق هرمز ويسد منفذ الخليج للداخل والخارج . حيث
وصفت صحيفة لوموند الفرنسية هذه الجزر الثلاث بأنها : "جزر تتحكم في مدخل الخليج العربي"(2) .2 - قد تستعمل كمراكز للتجمع والوثوب على المناطق القريبة منها على الساحل العربي ، حيث تصلح لإقامة منشآت وقواعد عسكرية عليها .3 - تتوفر فيها المعادن وخاصة أكسيد الحديد الأحمر .4 - يتوفر فيها النفط .5 - تمر بهذه الجزر الممرات البحرية الصالحة للملاحة ولذلك يمكن أن تتحكم في التجارة والنقل .6 - قد تستخدم كموانئ لرسو السفن ومحطة للتزود بالوقود لأن المياه من حولها عميقة .7 - تتوفر بها المياه الصالحة للشرب مما يساعد على قيام الزراعة فيها ، كما يوجد بها بعض المراعي .8 - تقام عليها الفنارات لإرشاد السفن . 9 - يتوفر بالجزر مصائد أسماك ممتازة تحقق دخلاً طيباً للصيادين .
إن الجزر الثلاث لا تقل في أهميتها الإستراتيجية عن مدينة طنجة وجبل طارق في مدخل البحر الأبيض المتوسط ، وعن عدن في مدخل البحر الأحمر ، وإنها في هذه المكانة فقط تقف مشرفة على حركة المرور في الخليج وتتحكم فيها أيضاً . وسوف نستعرض أهمية الجزر الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية :
جزيرة أبوموسى : جزيرة صغيرة هادئة تقع عند مدخل الخليج العربي وتطل عليه تماماً كما يقف الحارس الأمين أمام خزائن الذهب الأسود .تبلغ مساحة الجزيرة نحو 35كم2 ، ويبلغ طولها حوالي 7كم وعرضها 5كم . وهي تبعد بمقدار 67كم عن الساحل الإيراني بينما لا يفصلها عن مدينة الشارقة سوى 43كم (أنظر الخريطة) . يتكون سطح الجزيرة من سهول رملية مغطاة بأعشاب وحشائش ترعى فيها الغزلان ، وتنتشر عليها التلال المنعزلة ، وأعلى منطقة تقع في منتصف الجزيرة ويبلغ ارتفاعها 110 أمتار وهي محاطة بمياه عميقة نسبياً مما يجعلها صالحة لرسو السفن .
توجد بالجزيرة عدة آبار للمياه العذبة حوالي (20بئر) ، وتنتشر فيها زراعة النخيل ، وهي مشهورة بصفة خاصة برواسب أو كسيد الحديد الأحمر المستعمل في صناعة الطلاء المانع للصدأ . وتقع مناجم أو كسيد الحديد الأحمر في الشمال الشرقي من الجزيرة ، وتمتلك شركة "صن فالي كولون كومباني أوف ويك" البريطانية المناجم وفق الامتياز الذي منحه إياها حاكم الشارقة . ومعروف أنه قد تم استغلال مناجم أو كسيد الحديد الأحمر لأول مرة في عام 1934م ، ثم أغلقت خلال سنوات الحرب العالمية الثانية من عام 1940م وحتى عام 1947م . وكانت الشركة تدفع 50 ألف روبية سنوياً لحاكم الشارقة مقابل حقوق التنقيب ، وكان إنتاج الأوكسيد الأحمر آنذاك حوالي 2500 طن في الموسم الجيد . وتعتبر نوعية الأوكسيد الأحمر المنتج من الجزيرة من الصنف النقي حيث لا يحتاج إلى تصفية كثيرة(3) . إلا أن أهمية الجزيرة بدأت في التزايد مع ظهور النفط بها ، حيث يوجد فيها ثلاثة آبار تقوم باستغلالها شركة "بتس" للنفط والتجارة (Butes Oil and Gas Co.) .
ولإيران بالجزيرة قاعدة عسكرية مجهزة بمروحيات وآليات عسكرية وزوارق سريعة أي ثكنة عسكرية متكاملة بالمعدات والأفراد ، كما أن لها مطارا ًومحطة لتوليد الكهرباء بطاقة 1.6 ميجاوات وبتكلفة قدرها 80 مليون دولار .
كان يقطن الجزيرة - حتى الاحتلال الإيراني لها في عام 1971م - حوالي 1000 نسمة تقريباً جميعهم من أصول عربية إلى جانب 60 عنصراً من العسكر الإيرانيين . ويذكر أحد الصحافيين الذين زاروا الجزيرة في أواخر عام 1979م أن الجزيرة كانت تنقسم فعلياً إلى مجتمعين : مجتمع عسكري إيراني ومجتمع مدني عربي وكان المسجد يضم الجميع من غير تمييز أو تفريق(4) .
ويشتغل بعض السكان المحليين في مناجم الحديد خلال أشهر الشتاء ، أما في موسم الصيف فيقومون بالصيد والملاحة ، ولكن أغلبهم يفضلون العمل في الصيد البحري لما يحققه هذا النشاط المنتج من دخل جيد حيث يبيعون ما يصيدونه إلى السفن العابرة للجزيرة ، كما يبيعون صيدهم في أسواق الشارقة ودبي ، وكانوا في مطلع الستينات يملكون حوالي 25 زورقاً للصيد انكمشت إلى عدد ضئيل جداً بعد عام 1992م بسبب الإجراءات الإيرانية التعسفية ضد سكان الجزيرة من العرب (أنظر الفصل الثاني من الدراسة) .
جزيرة طنب الكبرى : تقع هذه الجزيرة على بعد (31كم) جنوب غرب جزيرة قشم الإيرانية ، وتبعد عن إمارة رأس الخيمة حوالي (70كم) ، وكلمة طنب تعني في أصلها "التل" ، فهي جزيرة قليلة الارتفاع ، دائرية الشكل يبلغ طول قطرها 4كم ومساحتها حوالي 9كم2 .
وجزيرة طنب الكبرى تقع بعيداً نسبياً عن مدخل الخليج العربي كما أنها أقرب إلى الساحل الإيراني ، لذلك فهي تحتل مكانة هامة في الرؤية الاستراتيجية الإيرانية ، باعتبارها جزءاً من خط الدفاع الإيراني عند مدخل مضيق هرمز .
ونظراً لموقع الجزيرة على خط سير السفن الداخلة إلى الخليج وكذلك الخارجة منه وهي الخطوط الملاحية للسفن التجارية وناقلات البترول ، فقد قامت الحكومة البريطانية عام 1913م - بموافقة من حاكم رأس الخيمة آنذاك الشيخ سالم بن سلطان القاسمي - ببناء فنار على الجزيرة لإرشاد السفن . كما تتوفر بالجزيرة خامات غنية من الأوكسيد الأحمر ، وبعض آبار المياه العذبة التي تستخدم للشرب والزراعة ، كما تنتشر بها بعض أشجار النخيل . وقد سبق لحكومة رأس الخيمة أن وفرت للسكان (حوالي 200 نسمة) بعض المؤسسات الخدمية ، وينحدر سكان الجزيرة من قبائل جرير وتميم العربية ويمتهنون صيد الأسماك ، وقلة منهم اهتموا بالزراعة ورعاية الماشية .
وهي بالدرجة الأولى جزيرة ذات أهمية إستراتيجية أكثر منها اقتصادية وذلك لعمق المياه حولها وصلاحيتها لأن تكون ميناءاً تنطلق منه قوات الدولة التي تمتلك الجزيرة للسيطرة منها بسهولة على مدخل الخليج العربي .
جزيرة طنب الصغرى : تقع على بعد 8 أميال إلى الغرب من جزيرة طنب الكبرى ، مثلثة الشكل وارتفاعها حوالي 35 متر عن سطح البحر ، ويبلغ طولها ميل واحد وعرضها ثلاثة أرباع الميل . وهى جزيرة صخرية غير صالحة للسكن .
تلك هي الجزر الثلاث التي يتنازع السيادة عليها اليوم دولتان هما الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيران الإسلاميتان ... كلتاهما تدعيان حقوقاً لها سواء في الملكية أو السيادة على الجزر الثلاث ... وكلتاهما مصممتان على موقفيهما المتعارض . وقد مرت عشرات السنوات على هذا النزاع دون حسم أو اتفاق مروراً بمحطات اتسمت بالسخونة والاحتدام . وبينما أبدت دولة الإمارات المتحدة استعدادها للتفاوض أو التحكيم ، كان لجمهورية إيران موقفها شبه الثابت برفض التحكيم أو التفاوض .
فما هي قصة النزاع ؟ وكيف بدأ ؟ ومتى ؟ وما هي المراحل التي مرت بها مسألة السيادة على ذه الجزر ؟
هوامش الفصل الأول :
___________________________________
(1) أحمد جلال التدمري : "الجزر العربية الثلاث ، دراسة وثائقية " ، ص 57 .
(2) د. محمد رشيد الفيل : "الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي" ، ذات السلاسل ، 1988م ، ص :209.
(3) أحمد جلال التدمري ، مرجع سابق ، ص : 61 .
(4) شوقي رافع : "الثكنة الإيرانية في أبو موسى " ، صوت الكويت ، العدد الصادر في 15/9/1992م ، نقلاً عن وكالة الأنباء الكويتية (كونا تقرير إخباري) .








الفصل الثاني تاريخ النزاع حول الجزر الثلاث
يجمع المؤرخون الذين تطرقوا لموضوع الجزر الثلاث (أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى) بأن أول إدعاء إيراني بملكية هذه الجزر كان في سبتمبر 1887م حينما عادت إمارة لنجة الواقعة على الساحل الشرقي من الخليج العربي إلى السيادة الإيرانية ، وكانت تلك الإمارة تدار حتى هذا التاريخ بواسطة العرب القواسم حكام رأس الخيمة والشارقة .
ولابد للقارئ أن يتعرف باختصار على التاريخ المبكر لهذا الجزء من الخليج قبل المرور بمراحل النزاع الإماراتي الإيراني حول الجزر الثلاث .
جذور النزاع : يعتبر تاريخ الجزر الثلاث قبل عام 1750م غامضاً إلى حد بعيد فيما يتعلق بالسيادة عليها ، لكن من الواضح أن منطقة الخليج وخصوصاً على الجانب الإيراني كانت تعاني من حالة عدم الاستقرار ، مما شجع الكثير من العرب على ساحل الخليج العربي من السيطرة على بعض الأجزاء في الجانب الإيراني من الخليج ففي عام 1728م استولى عرب القواسم (التسمية التاريخية لعرب رأس الخيمة والشارقة) على "باسيدو" الواقعة على الساحل الإيراني ، وفي عام 1737م تعرضت رأس الخيمة لهجوم إيراني أخضع شيوخها العرب للهيمنة الفارسية ، لكن كل المصادر التاريخية تؤكد على أن هذا الخضوع لم يستمر طويلاً ، وأن فارس لم تحتفظ بأي سيطرة على رأس الخيمة .
وفي عام 1747م وإثر اغتيال الحاكم الإيراني نادر شاه فارس برزت عدة نزاعات داخلية في منطقة بندر عباس وهرمز على الساحل الإيراني ، مما دفع عرب القواسم في رأس الخيمة إلى إرسال قواتهم لمساعدة علي شاه (حاكم بندر عباس) . وقد استمر النزاع ثلاث سنوات سيطر من خلالها فرع من القواسم على لنجة واستقروا فيها . وظل عرب القواسم محتفظين بها حتى عام 1887م حين خلع الفرس آخر حاكم عربي في لنجة ، وكانت لنجة باستثناء عدد من السنين إمارة إيرانية تدار عربياً ، وأصبح شيوخها وبالتدريج رعايا فارسيين يحكمون لنجة نيابة عن حكومة فارس في طهران ويدفعون لها الضرائب (1) .
كانت لنجة مدينة مزدهرة ، ومركزاً تجارياً مهماً إلى أن دخلها الفرس وبدأت أولى محطات النزاع التاريخي على ملكية الجزر الثلاث .
علاقة الجزر بمدينة لنجة الإيرانية : بعدما استتب الأمر لصالح الجيش الإيراني في لنجة وأقيل حاكمها القاسمي وعين آخر إيراني مكانه ، انطلقت قوة مسلحة بمدفعين إلى جزيرة صري التي تقع على بعد 40 ميلاً إلى الغرب من جزيرة أبوموسى ، ورفعت عليها العلم الإيراني . اعتبر الشاه أن امتداد سلطة طهران إلى مدينة لنجة يستتبع بسط سلطتها على جزيرة صري كون تلك الجزيرة تتبع لنجة إدارياً . وأن كون حكام لنجة هم من العرب لا ينال من صحة اعتقاده بأنهم كانوا دائماً يحكمون المدينة الساحلية كممثلين للحكومة المركزية في طهران (2).في 28 إبريل 1888م طلب شاه إيران (ناصر الدين) في رسالة إلى السفير البريطاني أن تعترف بريطانيا بسيادة إيران على جزيرة أبوموسى . قال الشاه في ادعائه الأخير أنه طرد القواسم من لنجة وأن المدينة سوف تحكم مباشرة من طهران . ودعم الشاه طلبه بخريطة لمنطقة الخليج كانت البحرية البريطانية وضعتها قبل ذلك بسنتين تظهر فيها جزر الطنب وأبوموسى بألوان إيران . إلا أن الشاه وبخلاف تصرفه تجاه جزيرة صري ، لم يعمد إلى احتلال أبوموسى أو إلى رفع العلم الإيراني عليها . بل اكتفى برفع ادعائه إلى السفارة البريطانية في طهران التي كتبت إلى المفوضية البريطانية في بوشاير تستوضح الأمر ، وكان الرد أن طلب الشاه الجديد ليس له ما يبرره إطلاقاً(3) .
* في عام 1892م أبرمت بريطانيا معاهدة مع شيوخ المنطقة والتي التزمت بموجبها بالدفاع عن ممتلكاتهم من أي اعتداء خارجي ، ولم تغير بريطانيا من موقفها تجاه المطالب الإيرانية بالسيادة على الجزر الثلاث إلا في نهاية الستينات عندما أعلنت عام 1968 عن نيتها في الانسحاب من الخليج بنهاية عام 1971م ، حيث شرعت في القيام ببعض الترتيبات السرية منها وغير السرية لتمهيد الطريق أمام الولايات المتحدة الأمريكية للإسهام في ما سمي بملء الفراغ السياسي والعسكري الذي ستتركه في المنطقة بعد رحيلها (4) .
خلال الفترة الممتدة من 1892م وحتى تاريخ احتلال إيران العسكري للجزر في 1971م حدثت بعض الممارسات الإيرانية سعت فيها إيران لتأكيد سيطرتها على الجزر بشكل أو بآخر .
* في عام 1904م :قام مسؤولو الجمارك البلجيكيون العاملون لحساب السلطات الإيرانية بإنزال أعلام القواسم ورفع أعلام إيران مكانها ، مما أدى إلى تهديد بريطاني صريح باللجوء إلى القوات البحرية لإنزال أعلام إيران ، مما أجبر السلطات الإيرانية على إنزال أعلامها والانسحاب من الجزر في العام نفسه .
*في عام 1912م :طلبت بريطانيا إذنا من حاكم رأس الخيمة لتشييد منارة بحرية في جزيرة الطنب الكبرى ، مؤكدة أن وجود المنارة في الجزيرة سوف يثبت أكثر من أي وقت مضى حق القواسم في الجزيرة . وافق حاكم رأس الخيمة على تشييد المنارة لقاء إيجار سنوي .
*في عام 1923م :أعلنت إيران عن نيتها إثارة النزاع أمام عصبة الأمم ، والدافع لذلك الإعلان لم يكن سياسياً بل كان اقتصادياً بحتاً . وذلك أنه كانت هناك مناقشة على استخراج وتصدير أكسيد الحديد الأحمر بين شركة إيرانية كانت تعمل في هرموز ، وأخرى بريطانية كانت تعمل في جزيرة أبوموسى ، فكان أن طلبت الشركة الإيرانية من حكومتها إحياء ادعائها السيادة على جزيرة أبوموسى وربط ذلك بادعائها السيادة على البحرين ، ورفع الأمر إلى عصبة الأمم . وردت بريطانيا مذكرة الحكومة الإيرانية بموقفها الرافض الذي اتخذته عام 1904م . (أنظر قضية إيران مع البحرين بالملحق رقم 4) .
* في عام 1925م :عادت المسألة إلى الظهور في خريف هذا العام حين أرسلت سلطات الجمارك الإيرانية زورقاً إلى أبوموسى لفحص الأكسيد الأحمر ونقل كيس منه إلى إيران ، وكان الرد البريطاني حاسماً حين أبلغ ممثلها في طهران الحكومة الإيرانية بأن الإصرار على ادعائها بملكية الجزر سيجعل من الضروري الطلب إلى حكومة الهند (حيث كانت مستعمرة بريطانية) أن ترسل سفينة حربية إلى أبوموسى للحفاظ على حقوق شيخ الشارقة فيها ، مما أدى إلى توقف إجراءات سلطات الجمارك الإيرانية .
والواقع أن الساحة الإيرانية قد شهدت في عام 1925م تغييراً جذرياً استدعى إعادة تقويم للعلاقات الإيرانية - البريطانية . ففي إيران كانت سنة 1909م بداية النهاية لحكم عائلة "القجر" حين اضطر الشاه آنذاك وتحت وطأة ثورة شعبية عارمة للتخلي عن الحكم لصالح ابنه القاصر والفرار إلى روسيا . وفي عام 1925م ظهر رضا خان الذي كان أحد ضباط فرقة الكوزاك وقام بانقلاب عين على أثره رئيساً للوزراء ، ثم توج شاهاً يوم 31 أكتوبر 1925م باسم رضاه شاه بهلوي (وبلهوي هو اسم اللغة التي كان يستخدمها حكام إيران في مخاطباتهم الرسمية قبل الفتح الإسلامي لبلاد فارس) . وقد عمل الشاه الجديد على تقليص نفوذ السلطات الروحية في البلاد عن طريق نشر مبادئ تحض على الولاء للوطن والعائلة الحاكمة . ومن أجل إيجاد روح قومية وتعزيزها رفع الشاه شعار محاربة النفوذ البريطاني الذي رأى فيه الأساس في متاعب إيران السياسية والاقتصادية ، ساعد على هذا التوجه تراجع النفوذ الروسي في إيران على أثر الثورة الشيوعية عام 1917م والتي أعلنت إلغاء كل الامتيازات التي حصل عليها قبل ثورة القياصرة الروس في إيران .
وفي ضوء هذه التغيرات الجذرية على الساحة الإيرانية شرعت بريطانيا وإيران في المفاوضات حول إيجاد صيغة جديدة في العلاقات بينهما بما في ذلك مسألة الجزر الثلاث(5) .
* في عام 1930م :عرضت إيران فكرة تخليها عن المطالبة بجزيرة أبوموسى لقاء تأكيد سيادتها على جزيرة طنب الكبرى وطنب الصغرى . وأجابت الحكومة البريطانية بأنها لا يمكنها إعطاء بلاد فارس جزيرة لا تملكها بريطانيا ، وهنا عرضت إيران أن تستأجر حكومتها جزيرة طنب الكبرى لقاء مبلغ من المال يدفع لحاكم رأس الخيمة مباشرة . ورفع السفير البريطاني العرض الإيراني إلى حكومته التي أوصت بعرض الأمر على حاكم رأس الخيمة مع بذل أقصى جهد لإقناعه بالموافقة (لاسيما وأن بريطانيا كانت لها مصلحة في موافقة القواسم على هذا العرض حيث ربطت بين موضوع تأجير جزيرة الطنب لإيران لفترة خمسين عاماً بموافقة إيران على تأجير منشآت بحرية عسكرية لبريطانيا في الخليج العربي للفترة ذاتها) .
وبتاريخ 11 مارس 1931م أبرق المقيم البريطاني في الخليج إلى حكومة الهند ما أجاب به سلطان بن سالم القاسمي حاكم رأس الخيمة (أنظر الملحق رقم 1) . وضع الشيخ ثمانية شروط من أجل منح موافقته للعرض الإيراني باستئجار جزيرة طنب الكبرى .
وبدى واضحاً من شروط حاكم رأس الخيمة أنه غير مستعد للتنازل عن سيادته على جزيرة طنب الكبرى لقاء أي ثمن وانتهت المفاوضات البريطانية الإيرانية عند هذا الحد وتوقفت نهائياً عام 1933م .
* في عام 1934م :بتاريخ 29 ديسمبر 1934م أمر حاكم رأس الخيمة بإنزال علمه المرفوع على جزيرة طنب الكبرى ، وسحب عماله هناك ، وكردة فعل على هذا التصرف غير المفهوم آنذاك أصدر القائد العام للقوات البحرية البريطانية أوامره للسفينة الحربية (سلوب) بالبقاء في جزيرة طنب لحين صدور تعليمات أخرى .
ويبدو أن حاكم رأس الخيمة قد أنزل علمه ليجلب انتباه السلطات البريطانية بأنه لم يتسلم إيجار الفنار أسوة بما يتسلمه حاكم الشارقة من إيجار للقاعدة الجوية البريطانية الكائنة في أبي موسى .
وانتهى الأمر بأن تم إعادة رفع العلم بتاريخ 10 إبريل 1935م بضغط بريطاني على حاكم رأس الخيمة .
* في عام 1935م : قام عدد من المسئولين الإيرانيين بزيارة لطنب الكبرى وأبوموسى مما أدى لقيام طائرات سلاح الجو البريطاني بطلعات استكشافية فوق الجزر استمرت لأسابيع .
بعد هذا التاريخ بدأ النزاع يأخذ منحى آخر تمثل في تبدل اللهجة البريطانية إزاء هذه المسألة ، وذلك بعد تغير الظروف السياسية في المنطقة ، والتراجع الاستراتيجي الذي لحق بها بعد الحرب العالمية الثانية وبروز أهمية منطقة الخليج فيما يتعلق بأهمية استمرار تدفق النفط ، وبعدها الدور الذي لعبته إيران كشرطي للمنطقة ، كل هذه المستجدات أدت إلى أن يكون لبريطانيا مواقف متغيرة عما كان عليه الحال بالنسبة لعلاقتها لطرفي النزاع وعلى النحو الذي سوف يتضح بعد .
* في عام 1955م :حاولت بريطانيا أن ترعى اتفاقا تعترف الشارقة بمقتضاه بالسيادة الإيرانية على صري ، مقابل اعتراف إيران بملكية الشارقة لأبوموسى ، واستعداد رأس الخيمة لبيع جزيرة طنب لإيران ، إلا أن المحاولة فشلت ولم يكتب لها النجاح ، لقد فضل الشيخ صقر حاكم الشارقة آنذاك تأجير الجزيرتين بدلاً من بيعهما لكنه طلب إيجاراً باهظاً كما كانت له شروطه وأهمها : أ ) الاحتفاظ بحقوقه النفطية والمعدنية في الجزيرة . ب) الاحتفاظ بالفنار والسماح للصيادين التابعين له وللزوارق من استخدام الجزيرة . ج) إلغاء الرسوم الإيرانية على كافة رعاياه هناك (أنظر الملحق رقم 2،3) (6) .
* في أغسطس 1961م :نزلت طائرة مروحية إيرانية على جزيرة طنب الكبرى ، وقام ملاحوها بالتقاط الصور الفوتوغرافية للفنار والأبنية المجاورة له وسألوا عن أسماء وجنسية الأشخاص الذين يديرون الفنار .
وكان الرد البريطاني واضحاً حاسماً لصالح حاكم رأس الخيمة وذلك في مذكرة احتجاج أرسلها السفير البريطاني في طهران إلى وزارة الخارجية البريطانية جاء فيها : " تم إصدار التعليمات إلى السفارة لجلب انتباه السلطات الإيرانية إلى حقيقة أن هذه الجزيرة هي جزء من إمارة رأس الخيمة . ويدين سكانها بالولاء إلى صاحب السمو حاكم رأس الخيمة الذي يقوم بتعيين وكيلاً له في الجزيرة ، وعلمه مرفوع عليها. وتدير رأس الخيمة الجزيرة منذ عام 1887م ويمارس حاكم تلك الدولة سيادته عليها منذ عام 1921م عندما أصبحت رأس الخيمة مستقلة عن الشارقة (7) .
* في عام 1968م :أعلنت بريطانيا عن نيتها في الانسحاب من الخليج بنهاية 1971م ، وشرعت بالقيام ببعض الترتيبات السرية منها وغير السرية لملء الفراغ السياسي والعسكري الذي ستتركه في المنطقة بعد رحيلها .
احتلال إيران للجزر ومذكرة التفاهم : لم تكد معاهدة الحماية التي ربطت بين بريطانيا وأمراء الساحل الجنوبي العربي للخليج تنتهي حتى استولت القوات الإيرانية على جزر طنب وجزء من أبوموسى . وكان حاكم الشارقة قد أعلن قبل يوم واحد من استيلاء إيران على الجزر أي في 29 نوفمبر عام 1971م أنه اضطر إلى التوصل إلى ترتيب مع إيران للتشارك في السيادة على جزيرة أبوموسى في مواجهة التهديد الصريح بالاستيلاء على الجزيرة في حالة عدم قبوله .
والحقيقة إنه لم يكن هناك أي خيار أمام حاكم الشارقة سوى الرضوخ للمطالب الإيرانية ، وخاصة بعدما أوضحت له الحكومة البريطانية بصراحة أنها عاجزة عن الدفاع عن الجزيرة في مواجهة التحركات الإيرانية إذا لم يمكن التوصل لترتيبات محددة قبل حلول موعد رحيلها عن الخليج .
ويلاحظ أن الذي ناقش الصيغة النهائية لتلك المذكرة هو السير ويليام لويس آخر مقيم بريطاني في المنطقة ، ولكن وعلى الجانب الآخر وفيما يخص جزر طنب فلم يرضخ حاكم رأس الخيمة للمطالب الإيرانية مما أدى إلى استيلاء إيران عليها في 30 نوفمبر 1971م حيث تم إجلاء 120 مواطناً من القواسم إلى رأس الخيمة . ومما يجدر ذكره أن الاستيلاء الإيراني على جزر طنب قد تم ورأس الخيمة تحت الحماية البريطانية .
وفيما يلي نص مذكرة التفاهم بين إيران والشارقة الموقعة من الشيخ خالد بن محمد القاسمي في 29/11/1971م :مع الأخذ في الاعتبار أن كلا من إيران والشارقة قد لا تعتزم التنازل عن مطالبها في أبوموسى ولا الاعتراف بمطالب الأخرى ، سوف يتم تنفيذ المطالب التالية : 1 - سوف تصل قوات إيرانية إلى أبوموسى ، وسوف تحتل مواقع اتفق على تحديدها وفقاً للخريطة المرفقة بهذه المذكرة .2 - أ ) سوف تكون لإيران السلطة الكاملة داخل المناطق التي سوف تحتلها قواتها وفقاً للمتفق عليه ، كما سيرفع فيها العلم الإيراني . ب) سوف تحتفظ الشارقة بالسلطة الكاملة على باقي أراضي الجزيرة ، وسيظل علمها مرفوعاً على مركز الشرطة التابع لها لنفس الأسس التي سيرفع فيها العلم الإيراني على مقرات قواتها بالجزيرة .3 - تعترف كل من إيران والشارقة بامتداد المياه الإقليمية للجزيرة لمسافة 12 ميلاً بحرياً . 4 - تواصل شركة (Butes Gas Oil Company) استغلال الموارد النفطية في أرض الجزيرة ومياهها الإقليمية ، وما تحت قاع البحر في المياه الإقليمية وفقاً للاتفاق الحالي مع الشارقة ، والذي يجب أن توافق عليه إيران ، على أن تدفع نصف الحصة الحكومية من عائدات النفط المستخرج وفقاً لهذا الاتفاق إلى إيران مباشرة ، وتدفع النصف الآخر للشارقة .5 - سوف يتمتع مواطنو إيران والشارقة بحقوق متساوية في الصيد في المياه الإقليمية لأبوموسى .6 - سوف يتم التوقيع على اتفاق للمساعدات المالية بين إيران والشارقة (8) .
لقد وجد الشاه في احتلال الجزر مجالاً ليس فقط لعرض قدراته العسكرية ، بل الأهم من ذلك ، إظهار نفسه أمام الدول العربية في مظهر صاحب السلطة والقوة في منطقة الشرق الأوسط مدعوما من الدول الغربية وإسرائيل . ومن ناحية أخرى ، جاء احتلال الجزر كمكافأة قدمتها الدول الغربية للشاه لتخليه عن أطماعه في البحرين .
جاءت الثورة الإيرانية عام 1979م لتطيح بالشاه محمد رضا بهلوي ولترفع الشعارات المعادية للإمبراطورية والصهيونية ومناصرة "المستضعفين في الأرض" ، الأمر الذي بعث الأمل في نفوس الخليجيين ودعاهم للتفاؤل بقرب انتهاء كابوس الأطماع الإيرانية في المنطقة بانتهاج النظام الإيراني الجديد سياسة تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير . إلا أن الثورة الإيرانية لم تكتف بالإطاحة بنظام الشاه السابق بل تبنت مبدأ تصدير الثورة ونذرت نفسها لأداء دور عالمي أيديولوجي وسياسي ، وكانت حركات "الإسلام السياسي" في البلاد العربية والإسلامية هي القوة المحلية الضاربة التي اعتمدتها إيران في إستراتيجيتها لتصدير الثورة . كما أن قيادة الثورة الخمينية حذت حذو الشاه الراحل في التمسك بالجزر متسلحة بنفس الحجج التي تسلح بها النظام الإمبراطوري السابق .
لقد انتهى النشاط العسكري الإيراني باحتلال جزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى في 30/11/1971م قبل يوم فقط من الانسحاب البريطاني من الخليج . ولعل تصرف الشاه هذا أراد منه تحقيق الأهداف التالية(9) :
1 - التأكيد للولايات المتحدة على مقدرة القوات الإيرانية على استخدام التقنية العسكرية العالية ومقدرة الشاه على التحرك في الخليج . 2 - التأكيد للعرب على دور إيران كقوة رادعة . 3 - وضع اليد على جزر تعتبر بموقعها الاستراتيجي نقطة تحكم وسيطرة على مضيق هرمز والخليج بأكمله .* في منتصف السبعينات بنى الإيرانيون ميناءاً على الجزء المخصص لهم من أبوموسى وكان قرار الشارقة بعدم بناء ميناء في جزئها من الجزيرة سبباً في أن يستخدم مواطنيها الميناء الإيراني وأن يتعرضوا لإجراءات الدخول الإيرانية .
* في الثمانينات قامت إيران ببرنامج تطويري لأبى موسى تضمن إنشاء مطار وإقامة منشآت جديدة أو القيام بعمليات التجديد . وقام الإيرانيون عام 1987م بالزحف على الجزء الجنوبي من أبوموسى الواقع تحت سلطة الشارقة إثر أنباء عن محاولة انقلاب داخل الأسرة الحاكمة في الشارقة ، ولسبب ما لم يتم الانقلاب المذكور ، وحين اكتشف الإيرانيون ذلك كانوا قد أنزلوا علم الشارقة بالفعل لكنهم أسرعوا بإعادة رفعه والعودة إلى مواقعهم . ولكن منذ ذلك الوقت اتخذت الدوريات العسكرية الإيرانية داخل المناطق الخاضعة للشارقة شكلاً منتظماً ومتكرراً . وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية ، قام الإيرانيون ببناء مدرج للطائرات يمتد داخل الجزء المخصص للشارقة .
* لم تجذب تلك الأحداث الأنظار إليها وذلك بسبب الأحداث الكبيرة التي وقعت في الخليج من الحرب العراقية الإيرانية وما تلاها من غزو عراقي في الكويت . لكن المسألة عادت إلى دائرة الأحداث مرة أخرى أواخر عام 1991م ، عندما طالبت إيران رعايا الدول الأخرى باستخراج تصاريح أمنية إيرانية ، وحين رفضت الإمارات هذا الطلب قامت السلطات الإيرانية بطرد الخبراء الأجانب من الجزيرة في إبريل 1992م .
وتفاقمت الأزمة في أكتوبر 1992م حين منعت إيران عودة المدرسين للمدرسة المحلية الواقعة تحت سلطة الشارقة - وكلهم من جنسيات عربية مختلفة - من العودة إلى الجزيرة ، مما اعتبر خرقاً فاضحاً لمذكرة التفاهم ، ثم أعادتهم للجزيرة في 11 نوفمبر 1992م .
وضع الراهن للجزر : الواقع أن دولة الإمارات لم تسلم بالاحتلال الإيراني لجزر طنب وسيادتها على أبوموسى ، وإن كانت تستوعب أنها لن تستطيع بمفردها استعادة حقوقها بالقوة ، لكنها لم تتخلى في أي وقت من الأوقات عن حقها في استعادة الجزر .
وأمام تصلب موقف إيران وتمسكها بالجزر الثلاث ورفضها لأي مفاوضات حول هذا الشأن وصلت المساعي المبذولة إلى طريق مسدود ، الأمر الذي دفع المسؤولين في الإمارات العربية إلى طرح موقف جديد محدد يتمثل في المطالبة باللجوء إلى محكمة العدل الدولية للبت في النزاع . وقد عبر الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة ، عن هذا الموقف بكلمات بسيطة معبرة : "إذا قدمنا براهيننا وقدموا براهينهم للتحكيم فهذا هو الذي سيقرر الصحيح والباطل منها ، اقصد بذلك اللجوء إلى محكمة العدل الدولية" ، وقد أيدت جميع الدول العربية هذا الموقف كما أيدته معظم دول العالم حتى تلك التي يرتبط بعضها بروابط وثيقة مع إيران (10) .
ويبقى الباب مفتوحاً أمام قضية لم تحسم ونزاع لم يتوصل أطرافه إلى حل ... فما هي احتمالات الصراع ؟ وما هي احتمالات التسوية ؟
هوامش الفصل الثاني :___________________________________
(1) بعد القضاء على إمارة لنجة في عام 1887م انتقلت إدارة طنب إلى رأس الخيمة بينما ارتبطت أبوموسى بالشارقة ، واستمرت هذه الإدارة المنفصلة عندما توحدت الشارقة ورأس الخيمة مرة أخرى وبصورة مؤقتة خلال الفترة (1900م- 1921م) وإنفصلنا مرة أخرى بعد ذلك إذ أصبحت أبوموسى تابعة لحاكم الشارقة ، وطنب تابعة لحاكم رأس الخيمة الشيخ سلطان بن سالم القاسمي . أنظر عبدالله عبدالرحمن : "النزاع الإيراني الإماراتي حول الجزر الثلاث: ، العرب اليوم ، العدد الصادر في 1/3/1998م ، ص : 8 .
(2) باسم عجمي : "تاريخ الصراع على الجزر الثلاث " ، الحياة ، العدد الصادر في 23/3/1997م ، ص : 18 .
(3) جدير بالذكر أنه بخلاف جزر الطنب وصري ، لم تكن تربط أبوموسى أي علاقة بمدينة لنجة ، بل كانت الجزيرة تدار مباشرة من قبل قواسم الشارقة ، وبالتالي فإن مد سيطرة طهران إلى المدينة الساحلية لم يشكل مبرراً قانونياً لإدعاء السيادة الإيرانية على تلك الجزيرة .
(4) أنظر : على حميدان : "من الإمبراطورية الشاهنشاهية إلى الجمهورية الإسلامية - الإمارات وإيران والجزر الثلاث ، الشرق الأوسط ، العدد 6774 الصادر في 15/6/1997م ، ص : 21 .والكاتب إماراتي شغل عدة مناصب ديبلوماسية وكان سفيراً لبلاده في الأمم المتحدة عندما احتلت إيران الجزر الثلاث في نوفمبر 1971م .
(5) باسم عجمي ، مرجع سابق ، ص :18 .
(6) أنظر للاطلاع على وثائق أكثر تفصيلاً : د.وليد حمدي الأعظمي ، د. عبداللطيف الخاجة : "النزاع بين دولة الإمارات العربية وإيران حول جزر أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى في الوثائق البريطانية " دار الحكمة 1993م .
(7) د. وليد الأعظمي ، مرجع سابق ، ص : 175 .
(8) اتفق على أن تدفع إيران (1.5 مليون) جنيه إسترليني للشارقة إلى حين وصول دخل الشارقة إلى ثلاثة ملايين جنية إسترليني سنوياً . أنظر : عبدالله عبدالرحمن : "النزاع الإيراني الإماراتي حول الجزر الثلاث" / مقال سابق .
(9) د. محمد رشيد الفيل : "الأهمية الاستراتيجية للخليج العربي" ، مرجع سابق ، ص :197 .
(10) د. علي حميدان " "بين الامبراطورية الشاهنشاهية والجمهورية الإسلامية" ، مرجع سابق ، ص "16 .


الفصل الثالثالنزاع الإماراتي الإيراني حول الجزر الثلاث
"احتمالات الصراع والتسوية"من التسلسل التاريخي الذي قدمناه في الفصل الثاني يتضح لنا أن هناك لكل من دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية مبرراتهما للاستحواذ على الجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) . كما أن هناك موقف متلون سياسياً للدول العظمى ذات المصالح الحيوية في المنطقة مثل بريطانيا سابقاً ثم الولايات المتحدة اليوم .
وفيما يلي نعرض تحليلاً للمبررات والمواقف التي اتخذتها الأطراف المعنية بهذا الصراع .

الخاتمة
النزاع حول الجزر هو من النزاعات الحدودية القليلة الموثقة توثيقاً جيداً . ومما لا شك فيه أن الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) منذ نوفمبر 1971م هو من أهم البؤر التي تؤجج التوتر في المنطقة بين الحين والآخر .
إن أهمية الجزر الثلاث ترجع إلى حقيقة منطقية مؤداها أن الذي يسيطر على الجزر يمكنه التحكم في الخليج العربي ، وأن الذي يتحكم في الخليج فقد تحكم في شريان مائي وملاحي هام يربط بين كل من آسيا وأفريقيا وأوروبا . إن الأهمية الكبرى للخليج وما به من جزر تنبع من كونه الموقع الذي تستورد عن طريقه الولايات المتحدة وأوروبا واليابان أكثر من 60% من احتياجاتها من النفط المستورد من الدول المطلة على الخليج وبصفة عامة تمر 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط عبر مضيق هرمز بشواطئ الجزر الثلاث ، وهو ما يعادل نصف الطاقة التي تعتمد عليها صناعات العالم واقتصاده وحياته اليومية .
وهذه الجزر التي تتحكم في مدخل الخليج العربي بموقعها الاستراتيجي الهام تتمتع بمزايا أخرى عسكرية واقتصادية لا تقل أهمية .. فهي محط أنظار الدول ذات المصالح لمحاولة إقامة القواعد العسكرية عليها ، كما أنها صالحة كموانئ لرسو السفن ومحطات للتزود بالوقود والمياه ، إضافة إلى أن بها ثروات نفطية ومعدنية (أكسيد الحديد الأحمر) لا يستهان بها ، وأخيراً فإن مصائد الأسماك بها تحقق دخلاً طيباً للصيادين . ولم تتوقف إيران منذ عام 1892م وحتى تاريخ احتلالها للجزر عسكرياً في 30/11/1971م عن الممارسات المتعددة في محاولة منها لتأكيد سيطرتها على تلك الجزر بشكل أو بآخر (كما قامت بنفس المحاولات مع البحرين من قبل) .
وقد اتضح لنا - خلال الدراسة - أن إيران قد عززت موقفها في الجزر الثلاث على مدى التسعينات سواء بمنعها موظفي دولة الإمارات من دخولها إلا بتصريح من السلطات الإيرانية أو فرضها قيود على دخول وخروج السكان ، فضلاً عن قيامها بتعزيز وجودها العسكري في جزيرة أبوموسى وتعيين حاكم عسكري لها بشكل يعني -بطريقة غير مباشرة - حسم موضوع السيادة عليها من جانب واحد دون مراعاة لما ورد في اتفاقيتها مع حاكم الشارقة التي وقعتها في 29/11/1971م (أي قبل يوم واحد من دخول القوات العسكرية الإيرانية إلى الجزيرة في 30/11/1971م) .
ويبدو أن إيران قد اتخذت إجراءاتها في الفترة الأخيرة على أساس مواقف أمنية مبالغ فيها ، إذ اعتقدت أن الوجود الأمريكي المكثف إبان حرب الخليج الثانية وبعدها سينتهي إلى القيام بعملية عسكرية ضد إيران ، وبالتحديد تمكين الإمارات من استعادة تلك الجزر بالقوة وهو ما ثبت مع الوقت أنه غير صحيح .
على الجانب الآخر ترفض دولة الإمارات العربية المتحدة العدوان الإيراني وتستنكره ، بإعتبار أن الاحتلال العسكري للجزر يعد خرقاً لمبادئ وأحكام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة (رقم 2625 الصادر في 1970م في شأن التعاون بين الدول ، ورقم 3314 الصادر في 1974م في شأن تعريف العدوان) . كما أن للإمارات مبرراتها القوية من النواحي القانونية والسياسية والتاريخية التي تؤكد على حقها الأصيل في السيادة على الجزر (أنظر المبحث الثاني في الفصل الثاني) .
وإزاء إصرار الجانب الإيراني على رفض مناقشة إنهاء الاحتلال العسكري لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى ورفضه كذلك اقتراح دولة الإمارات إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية فقد بات من المتعذر -حتى الآن- إحراز أي تقدم عبر المفاوضات الثنائية مع البلدين .
أما عن موقف الدول الغربية الكبرى التي كانت لها السيطرة في منطقة الخليج فقد لوحظ أنه وقبل بروز الولايات المتحدة ، كدولة عظمى ذات نفوذ في الخليج ، كانت بريطانيا هي القوة الأولى في المنطقة ، وبالتالي كانت هي المرجع الأساس للخلافات فيها . وهكذا ، فإن أي بحث جدي للنزاع على الجزر كان ولابد أن يعتمد بشكل أساسي على الوثائق البريطانية كمرجع أولي للتدقيق في أصل الخلاف وتطوره على مدى أكثر من 100 سنة .
وقد تبين للباحثة أن الوجود البريطاني في الخليج كان يتلون ويتغير وفقاً لتغير المصالح البريطانية ، وأنه من المؤكد أن نفس معيار المصالح هو الذي يحكم الوجود الأمريكي في المنطقة منذ قيام الولايات المتحدة بسد الفراغ الذي خلفه الانسحاب البريطاني من الخليج في نوفمبر 1971م .
إن بريطانيا التي استمرت في رفض الادعاءات الإيرانية بالسيادة على الجزر الثلاث والتي عقدت مع شيوخ المنطقة معاهدة 1892م للدفاع عن ممتلكاتها ، بريطانيا هي نفسها التي شرعت في عام 1968م بالقيام ببعض الترتيبات السرية منها وغير السرية لملء الفراغ السياسي والعسكري الذي سوف يخلفه انسحابها من الخليج بنهاية 1971م . ولقد اتضح لنا من تصريحات السير جيفري آرثر الذي كان يشغل منصب المعتمد البريطاني في الخليج إبان احتلال إيران للجزر الثلاث أن بريطانيا هي التي أعطت الضوء الأخضر للشاه لاحتلال الجزر الإماراتية تعويضاً له عن تخليه عن البحرين وإنطلاقاً من قناعتها وقناعة الولايات المتحدة بأن إيران الشاهنشاهية هي القوة المنشودة آنذاك للمحافظة على مصالح الغرب في المنطقة .
وحتى اليوم - ولأسباب إستراتيجية واقتصادية - لم يصدر عن الولايات المتحدة أي تصريحات تشير إلى اتخاذها موقفاً رسمياً في شأن الخلاف الإيراني الإماراتي حول الجزر ، مفضلة -في الوقت الحاضر- علاقاتها الخليجية على علاقاتها مع إيران ... وسوف يستمر هذا الموقف حتى مجيء الوقت الذي تتبدل فيه المؤشرات في بورصة المصالح الدولية .
إن الجانب القانوني في الدارسة قد بين بجلاء أن السيادة الفعلية على الجزر الثلاث ترجع إلى دولة الإمارات (إمارتي الشارقة ورأس الخيمة) ذلك أن الاستيلاء (ويقصد به -قانوناً- إدخال دولة من الدول في حيازتها المادية إقليمياً غير مملوك لدولة ما بقصد بسط سيادتها عليه) هو السبيل الذي حصلت به إمارتي الشارقة ورأس الخيمة على الجزر الثلاث منذ العام 1750م وحتى العام 1971م من دون معارضة فعلية من السلطات الإيرانية وقد تعددت مظاهر تلك السيادة التي مارستها الإمارتين على الجزر الثلاث خلال هذه الحقبة الطويلة من الزمن مثل : رفع علم الإمارات على الجزر الثلاث وإدارة المرافق العامة ، واستيفاء الرسوم الجمركية ... وغيرها إضافة إلى منح الامتيازات واستغلال الموارد الطبيعية .
وعلى الرغم من تكرار دعوة الإمارات العربية المتحدة لاستعدادها وقبولها مبدأ التحكيم الدولي للبت في هذا النزاع (أي بالعرض على محكمة العدل الدولية) ، وتعهدها صراحة بعدم منازعة قرار التحكيم والتقيد به ، فإن الموقف الإيراني ظل رافضاً تماماً لفكرة التحكيم الدولي . ولا يعني ذلك أن إيران لا تملك الحجة ، أو أن موقفها ضعيف ، ولكن إيران التي تملك على الأقل خرائط صادرة عن البحرية البريطانية عام 1887م تظهر الجزر المتنازع عليها بألوان إيرانية ، ترفض لأسباب أخرى غير الفشل في كسب نتيجة النزاع لصالحها .
إن الموقف الإيراني الرسمي في هذا النزاع إنما هو إنعكاس لنمو الشعور القومي لدى الشعب الإيراني الذي أصبح يرى في مسألة الجزر تعبيراً عن هوية مهددة من قبل الدول العربية .
وهناك تفسير آخر لرفض جمهورية إيران الإسلامية عرض النزاع على التحكيم الدولي يقول : أنه لا يجوز عرض النزاع بين شخصين مسلمين على قاض غير مسلم ، كمحكمة العدل الدولية في تشكيلها الحالي ، فهل سوف تنتظر إيران حتى يتم تشكيل محكمة العدل الدولية الإسلامية ؟! والواقع أنه إذا كان الحل عن طريق اللجوء إلى محكمة العدل الدولية قد اعتبر من قبل إيران طريقاً مسدوداً ومنهجاً مرفوضاً للأسباب التي قدمناها ، فإنه لا يبقى إلا احتمالين أحدهما مستبعد وهو : أن يتفجر النزاع ويتحول إلى صراع مسلح تحاول الإمارات فيه أن تستعيد بالقوة ما أخذ منها بالقوة ، الاحتمال الثاني هو التفاوض المباشر بين الدولتين من أجل الوصول إلى حل سلمي للأزمة ، وهو ما يبدو لنا الاحتمال الأقوى والأكثر واقعية .
إن استبعاد احتمال الصراع والقبول بمبدأ التسوية يدفع بكل من الإمارات وإيران نحو مائدة التفاوض والحوار ، ولكن في المقابل يجب أن يضع الطرفان باعتبارهما أنه لا توجد مفاوضات بدون تقديم تنازلات متبادلة للوصول إلى الحل الذي قد لا يكون الأمثل .
وأخيراً ... يمكن القول أن الإمارات لا تزال تأمل في تسوية ودية تتراوح بين التسوية السياسية والتسوية القضائية وتأمل ألا تتأثر العلاقات بين الدولتين بشكل خطير بسبب هذه الأزمة ، في الوقت الذي يتخذ مجلس التعاون موقفاً حازماً قوامه تأييد موقف الإمارات وإفهام ذلك لإيران .

الملاحق
الملحق رقم (1)نص خطاب المقيم السياسي البريطاني والقنصل العام في بوشهرالمؤرخ في 11 مايو 1931محول شروط حاكم رأس الخيمة لتأجير جزيرة طنب إلى / الحكومة الفارسية(1)--------------11 مايو 1931م من /القنصل العام بيسكو إلى حكومة الهند بوشهر سيدي ..،استمراراً لبرقيتي المؤرخة في 23 إبريل 1931م بشأن تأجير جزيرة طنب من قبل حاكم رأس الخيمة للحكومة الفارسية ، أتشرف بأن أرسل لكم صورة من التصريح والبيان الذي أدلى به حاكم رأس الخيمة إلى رئاسة الخليج موضحاً الشروط التي بموجبها سيكون مستعداً لتأجير الجزيرة إلى الفرس .
كما توقعت فإن الشروط التي وضعها الشيخ لتأجير جزيرته صارمة وشاملة إذ سوف تكون الجزيرة عديمة القيمة في ظلها عند تأجيرها من قبل الفرس ، وخاصة الشرط الثالث . وأشار الشيخ في حديثه مع وكيل دار الاعتماد البريطانية بأنه يصر على هذا الشرط خوفاً من وضع الفرس لسفنهم البحرية في جزيرة طنب والقيام بعمليات تفتيش واسعة بحثاً عن زوارق العرب التي تبحر في تلك المنطقة . وإنه يعتقد بأن ذلك سوف لا يزعج جماعته فحسب بل يورطه في مشاكل مع زملائه من الشيوخ . ونظراً لأن هذه الشروط متعددة ومفصلة وإن محادثات عقد المعاهدة العامة تمر في فترة مرتبكة سأقوم بإرسالها بالبريد الجوي بدلاً من إبراقها . المخلصالمقدم ايج . في . بيسكوالمقيم السياسي في الخليج الفارسي
بيان يتضمن الشروط المطلوبة من قبل حاكم رأس الخيمة :1 - يبقى علمي ، العلم القاسمي ، مرفوعاً على الجزيرة كالسابق . 2 - سوف لا يكون المواطنين في الجزيرة خاضعين للسلطات العليا أو للاضطهاد ولا يمكن تطبيق الأوامر بحقهم لحين إحالتها لي ومناقشتها معي . 3 - لا يجوز للسفن التابعة للحكومة الفارسية ، والتي تقوم بالتفتيش بالنيابة عن دوائر الجمارك ، المجيء إلى بحر عمان لتفتيش السفن والزوارق العربية سواء كانت تعود لمواطني أو لجيراننا من شيوخ الساحل المتصالح ، وأن يبقى البحر حراً للملاحة كما كان من قبل . وعند العثور على بضائع وسلع ممنوعة من قبل الحكومة الفارسية على سفن تعود ملكيتها لمواطني يتوجب عليها آنذاك إحالة الموضوع إلى الحكومة البريطانية لمناقشته معي بصدد السفينة وربانها . ولا يجوز للحكومة الفارسية إصدار أوامرها إلى السفينة مباشرة . 4 - إذا ما قام أحد الغواصين المدنيين التابعين لنا باللجوء إلى أحد الموظفين التابعين للحكومة الفارسية المقيمين في الجزيرة يتوجب على ذلك الموظف إعادته إلينا دون الرفض عندما أطلب منه ذلك . 5 - تعفى كافة البضائع والسلع التي يتم إدخالها إلى الجزيرة لمتطلباتي الشخصية من الرسوم وكذلك في حالة إستيراد سكان الجزيرة للمواد الغذائية لاستخدامهم الشخصي . 6 - يدفع بدل الإيجار السنوي لي مقدماً في بداية كل سنة . 7 - إذا ما قررت الحكومة الفارسية رفع العلم الفارسي على دوائرها فيجب رفع ذلك العلم على أعلى البناية وليس على أرض الجزيرة . 8 - يجب تنفيذ هذه الشروط بيني وبين الحكومة الفارسية تحت رعاية وإشراف الحكومة البريطانية .
الملحق رقم (2)بتاريخ 31 يناير 1955م أرسل وزير الخارجية البريطاني أنطوني إيدن خطاباً إلى وزير البحرية البريطاني يتضمن الحلول المقترحة للتوصل إلى حل المشكلة مع الحكومة الإيرانية حول المطالبة بجزر أبوموسى وطنب الكبرى والصغرى فكتب (2) : وزارة الخارجية لندن 31 يناير 1955م .إلى / وزير البحريةسيدي ،بناءً على التعليمات الصادرة من وزير الخارجية السير أنطوني إيدن يسرني أن أبلغكم بأنه يقوم في الوقت الحاضر بدراسة إمكانية التوصل إلى حل النزاعات الإقليمية في الخليج الفارسي مع الحكومة الإيرانية .
إن لجنة اللوردات في وزارة البحرية تعلم بأن إيران تطالب بجزر البحرين وطنب الكبرى والصغرى وأبوموسى . كما وأن حاكم الشارقة في الوقت نفسه يطالب بجزيرة صري بالرغم من أن القوات الإيرانية احتلتها منذ عدة سنوات مضت . وقد سببت هذه النزاعات إحراجاً للحكومة البريطانية منذ سبعين سنة مضت . ويري السير أنطوني إيدن بعض الفائدة من حل كافة النزاعات العالقة مع إيران إذا ما أمكن ذلك دون إلحاق الضرر بالمصالح البريطانية أو بمصالح حكام دول الخليج التي كانت تحت الحماية البريطانية . كما وأن هناك سبباً آخر لمحاولة التوصل إلى حل في هذا الوقت بالذات إذ أن وزير الخارجية الإيراني الحالي السيد انتظام رجل دولة بمواصفات جيدة غير عادية في تلك البلاد . إذ أنه أشار لسفير حكومة صاحبة الجلالة في طهران بأنه سيكون مسروراً للتنازل نهائياً عن المطالبة الإيرانية بالبحرين إذا ما تمكن من الحصول على تنازل بالمقابل يرضي إيران بهذا الحل السياسي ويجعله مقبولاً .
- إن الشكل الوحيد لمثل هذا الحل الذي يبدو للسير أنطوني إيدن بأنه يبعث على الأمل هو : (أ) قيام حاكم رأس الخيمة ببيع جزر طنب الكبرى والصغرى إلى إيران مقابل سعر يتم التفاوض عليه . (ب) تخلي حاكم الشارقة عن حقه الشرعي بالمطالبة بجزيرة صري . (ج) تتخلى إيران عن مطالبتها بجزر أبو موسى والبحرين إن أمكن ويبدو أن مثل هذا الحل أمر منطقي من الناحية الجغرافية حيث ستترك لإيران الجزر المتنازع عليها فقط التي تقع على مسافة قريبة من الساحل الإيراني .
وسيتم تنفيذ ذلك إذا ما كان الحكام راغبين في ذلك . - سوف يكون السير أنطوني إيدن مسروراً للاطلاع على وجهات نظر اللوردات بهذا الصدد . - كما أنه يرحب في الوقت نفسه بوجهات نظرهم حيال المقترح الذي طرحه وزير الخارجية الإيراني بصدد تحقيق بعض التعاون بين البحرية الملكية البريطانية والبحرية الإيرانية في "حراسة مياه الخليج الفارسي" . ولم يشرح السيد انتظام ما يعنيه من ذلك ويبدو أنه بالغ في المهمات التي تقوم بها البحرية الملكية البريطانية في الخليج .
وبهذا الصدد أرسل إليكم مقتطفاً من خطاب المقيم السياسي البريطاني في الخليج الفارسي مع مذكرة معدة بالتعاون مع دائرة خدمات الإنارة للخليج الفارسي . ويبدو من هذه التعليمات أنه لا مجال هناك لتحقيق هذه "الحراسة المشتركة" . ويعتقد السير أنطوني إيدن بأنه إذا ما تم التوصل إلى تحقيق التسوية الإقليمية مع إيران فإنه سوف لا يكون هناك أي سبب للاعتراض من قبل حكومة صاحب الجلالة وحكام دول الخليج على زيارات السفن الحربية الإيرانية وأنه بالإمكان قيام بعض التعاون الرمزي في حراسة الخليج لتحقيق رغبات وزير الخارجية الإيراني . وسيكون السير أنطوني إيدن مسروراً إذا ما درس اللوردات هذه القضية في ضوء ذلك . خادمكم المطيع ليزلي فراي
الملحق رقم (3)وفيما يلي ردود فعل حاكم الشارقة تجاه المقترحات التي طرحها عليه الوكيل السياسي البريطاني في الشارقة بصدد التنازل عن حقوقه في جزيرة صري (3) . الوكالة السياسية دول الساحل المتصالح دبي 25 مارس 1955م رقم 55/4/1041إلى / المقيم السياسي ، أف ، بي ، ريتشاردزدار الرئاسة البريطانيةالبحرينلقد ثبت أن التقويم الوارد بخطابي رقم 55/2/1041 بشأن موقف (الشيخ) صقر حاكم الشارقة حيال جزيرة صري لم يكن متفائلاً . ويقول الحاكم بأنه مستعد للتنازل عن صري إذا ما كان الإيرانيون مستعدين للتنازل عن مطالبتهم بأبوموسى . ويبدو أن صقر في الوقت الحاضر مسروراً بذلك ولم يشر إلى موضوع إحتمال التعويض المالي . وعاجلاً أو آجلاً سيسمع بأنه تمت مفاتحة حاكم رأس الخيمة حول الموضوع للتنازل عن جزيرة طنب مقابل التعويض بالمال إذ من المحتمل أن يتبدل موقفه آنذاك . نقلاً عن : د. وليد الأعظمي : مرجع سابق ، ص ص : 164 - 165 .- وعندما تمت مفاتحة صقر حاكم رأس الخيمة حول بيع الجزيرتين العائدتين له أظهر رغبته بالفكرة وقال بأنه مستعد للبيع . ثم غير رأيه وقال إنه يفضل تأجيرها . - وعندما تم الاستفسار منه عن الثمن الذي يطلبه أجاب (الشيخ) صقر بأنه لا يقبل بأقل من 50 مليون روبية كما وأنه يطلب ما يلي :( أ) الاحتفاظ بحقوقه النفطية والمعدنية في الجزيرة . (ب) الاحتفاظ بالفنار والسماح للصيادين التابعين له وللزوارق من إستخدام الجزيرة .(ج) إلغاء الرسوم الإيرانية على كافة رعاياه هناك . - فتم إخبار (الشيخ) صقر بأن الإيرانيين سيماطلون على السعر كما وأنهم سيجدون الشرط الوارد في (ج) غير معقول .وتم الاقتراح أخيراً على الشيخ لكي ينتظر رد فعل الإيرانيين تجاه مطالبه دون إلزام نفسه في الوقت الحاضر بأي التزام . - وبالرغم من صعوبة الشروط التي وضعها الحاكم إلا أنه أصبح هناك أمل ، بعد قبول فكرة البيع ، لتقديم عرض جيد يغري الحاكم إذا ما كان بالإمكان إقناع الإيرانيين لتقديم مثل ذلك العرض . وإنني أقترح بأنه في الوقت الذي نحجب فيه عن الإيرانيين معرفة الثمن الذي يطلبه (الشيخ) صقر فإننا مع ذلك نقول بأن هذا هو الثمن الذي يطلبه للتفاوض حول الموضوع بالرغم من أن قوله بأنه سعر عادل فيه شيء من المبالغة وقد يكون سعراً باهظاً . سي . أم . بيري . جوردون
الملحق رقم (4)قصة إيران مع البحريناعتمدنا على الوقائع التاريخية فسنجد بأن المطالبة الإيرانية بجزر البحرين كانت أكثر جدية من مطالبتها بالجزر الإماراتية الثلاث ، ويمكن اختصار ذلك بالشكل التالي : مطالبة إيران بالسيادة على البحرين ترتكز على واقع احتلالها للجزيرة في الفترة الواقعة ما بين عام 1622م وعام 1783م ، وفي عام 1783م استطاع تحالف قبائل العتوب العربية أن يطرد الإيرانيين من البحرين وقد استمر حكم أحفادهم ، آل خليفة للجزيرة حتى يومنا هذا .
وقد بدأت المطالبة الإيرانية الجدية بالبحرين في العقد الثالث من القرن الحالي وبالتحديد في 1927م عندما وقع الملك عبدالعزيز آل سعود معاهدة مع الحكومة البريطانية في جدة يتعهد فيها بالحفاظ على علاقات صداقة وسلام مع الكويت والبحرين وشيوخ قطر وإمارات ساحل عمان التي كانت تربطها ببريطانيا معاهدات خاصة ، وقد احتجت إيران لدى حكومة بريطانيا على ذكر البحرين في المعاهدة مدعية بأن البحرين هي ملكية إيرانية ويجب حذف ما ورد في المعاهدة من إشارة إليها .
ولم تكتف إيران بذلك بل قامت بإرسال نسخة من احتجاجها على الحكومة البريطانية إلى الأمين العام لعصبة الأمم مطالبة إياه بتوزيعها على أعضاء العصبة للاطلاع ، كما أنها عمدت منذ أوائل الخمسينات إلى فرض الجنسية الإيرانية على البحرينيين الذي يذهبون إلى إيران لزيارة الأماكن المقدسة الشيعية ، بل على كل بحريني يدخل إلى الأراضي الإيرانية .
وفي 11 نوفمبر 1957م اتخذت الحكومة الإيرانية قرار بضم البحرين إليها إدارياً وأسمتها "المقاطعة الرابعة عشرة" وكما هو الحال بالنسبة لجزر الإمارات الثلاث استمرت الحكومة البريطانية في رفض ادعاءات إيران بملكيتها للبحرين حتى نهاية الستينات عندما قررت الانسحاب من الخليج بنهاية 1971م ، وفي 1970م تمخضت المشاورات بين إيران وبريطانيا والولايات المتحدة عن إقناع شاه إيران بالتخلي عن مطالبته بالبحرين على أن يتم ذلك بشكل يحفظ ماء الوجه للامبراطور الإيراني ، وهكذا قامت بعثة تابعة للأمم المتحدة في السنة نفسها (1970م) بزيارة البحرين واستطلاع رأي البحرينيين في ما إذا كانوا يفضلون الاستقلال أو الانضمام إلى إيران ، وقد اختار الشعب البحريني الاستقلال طاوياً بذلك صفحة بغيضة من الخلاف بين العرب وإيران(4) .___________________________________
(1) Ibid, Enclosure 2 in No.1, Consul - General Biscoe to Government of India , Bushire 11 May 1931. نقلاً عن : د. وليد حمدي الأعظمي : "النزاع بين دولة الإمارات العربية وإيران حول جزر أبوموسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى في الوثائق البريطانية " ، دار الحكمة ، 1993م ، ص : 92 .
(2) F 0371/114640/ Fo to the secretary of the Admiralty , 31 January 1955. نقلاً عن : د. وليد الأعظمي : مرجع سابق ، ص ص : 162 - 165 .
(3) F 0371/144640 , Political Agency , Trucial States Dubai , 25 March 1955.
(4) د.على حميدان ، مقال سابق ، ص :12 .
الشيخ عبد الله بن زايد يؤكد أنه لا توجد أرض عربية أغلى من أخرى
لندن: «الشرق الأوسط» قالت الإمارات العربية المتحدة أمس إن الاحتلال الإيراني لجزرها الثلاث «هو احتلال لا يختلف عن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية. وأكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي أن قضية الجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، التي تحتلها إيران، تشكل عاملا سلبيا في العلاقة بين البلدين، «وستظل مؤلمة بالنسبة إلى كل مواطني الدولة».
وتحتل إيران ثلاث جزر إماراتية منذ عام 1971، وهي: جزيرتا طنب الصغرى وطنب الكبرى وتتبعان إمارة رأس الخيمة، وجزيرة أبو موسى وتتبع إمارة الشارقة، وترفض طهران أي مباحثات ثنائية مع الإمارات، كما ترفض رفع الخلاف على هذه الجزر.
وخلال رده على سؤال برلماني أمس خلال جلسة للمجلس الوطني الاتحادي، اعتبر الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان أن احتلال أي أرض عربية هو احتلال وليس سوء فهم، «ولا فرق بين احتلال إسرائيل للجولان أو لجنوب لبنان أو للضفة الغربية أو غزة، فالاحتلال هو الاحتلال، ولا توجد أرض عربية أغلى من أرض عربية أخرى».
ولعل اللافت في تصريحات وزير الخارجية الإماراتي هو اعتباره أن الاحتلال الإيراني لأراضي بلاده هو أكثر حساسية من احتلال إسرائيل لأي أرض عربية، عندما قال: «كإماراتي لا بد أن أكون، بل وكل إماراتي، أكثر حساسية لاحتلال جزء من الإمارات من أي أرض عربية أخرى، وإلا سيكون المرء كمن يكذب على نفسه».
لكن الوزير الإماراتي قال في الوقت ذاته إنه لا يقارن بين إسرائيل وإيران، مضيفا: «إلا أن الاحتلال هو الاحتلال، فهو غير قانوني في العرف العربي كما هو غير قانوني إسلاميا ودوليا»، موضحا أن إيران «تقف موقف المتعنت والرافض لكل مبادرات الإمارات لحل القضية بالتفاوض المباشر أو التحكيم الدولي».
ودعا الشيخ عبد الله بن زايد مواطني بلاده إلى ما سماه التفكير بشكل مختلف لدعم إخوتهم المواطنين في جزيرة أبو موسى على وجه الخصوص، «لأن إمكانية التواصل معهم تكاد تكون معدومة تحت الاحتلال الإيراني الذي يمنع إيصال المساعدات ومواد البناء أو الخدمات الأخرى».
وتقع الجزر الإماراتية المحتلة في مدخل الخليج العربي على بعد نحو 160 كم من مضيق هرمز، وعلى بعد نحو 60 كم من ساحل الشارقة و75 كم من ساحل إيران، ودائما ما يهوّن المسؤولون الإيرانيون من احتلال بلادهم للجزر الإماراتية، ويصفون هذا الاحتلال بأنه لا يعدو كونه أكثر من «سوء فهم» بين البلدين.
وفي مايو (أيار) من العام الماضي قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسن قشقاوي إن جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى ستبقى إلى الأبد «جزءا لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية».
ووجه الشيخ عبد الله بن زايد العتب إلى وسائل الإعلام، خصوصا المحلية منها، «لعدم تسليط الضوء على مواطني الجزر الثلاث الواقعة تحت الاحتلال الإيراني الذي لا يوفر أي مساعدات للمواطنين فيها».
إلى ذلك، وفي ما يتعلق بقضية اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، الذي اغتيل في دبي في يناير (كانون الثاني) الماضي على يد أكثر من 25 فردا يحملون جوازات سفر أجنبية تقول السلطات الإماراتية إنها مزورة، أكد الشيخ عبد الله بن زايد أن الإمارات ستلاحق قتلة المبحوح ولكن بشكل قانوني.
وأضاف الشيخ عبد الله بن زايد: «سنلاحق هؤلاء الأشخاص بشكل قانوني ومنظم يوضح أن دولة الإمارات بلد القانون والتقدير والاحترام»، مشيرا إلى أن الرسالة ليست لإسرائيل فقط وإنما لمختلف دول العالم.
وقال: «الإمارات تحترم سيادة الدول ومبدأ عدم التدخل في شؤونها، وعلى الدول الأخرى أن تقوم بالمثل لأن الإمارات لا تسمح لأي شخص أو لأي دولة بالقيام بعمل فوضوي وغير قانوني على أراضيها، وستحاسب وتلاحق كل من تسول له نفسه ذلك».
مددت إيران أمس مناورات «النبي الأعظم 5» يوما إضافيا، وقالت وكالة أنباء «فارس» الإيرانية إن 30 طوافة شاركت مع عشرات من الغواصين من قوات الحرس الثوري في عملية زرع الألغام في أعماق الخليج ومضيق هرمز، بينما سيتم اليوم تجربة صواريخ بحرية جديدة.ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال محمد بابور، أن «الهدف الأساسي من هذه المناورة (النبي الأعظم 5) هو مواجهة التوغل المحتمل للعدو في الجزر الواقعة في مياه الخليج».وترافق ذلك مع تصعيد إيراني ضد الإمارات، إذ رفضت طهران - على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، رامين مهمانبرست - تصريحات لوزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد، شبه فيها احتلال إيران لجزر بلاده الثلاث بالاحتلال الإسرائيلي، محذرة من تكرار «تصريحات غير مدروسة»، وأن الشعب الإيراني هو من سيواجه هذه التصريحات «برد شديد» في المرات المقبلة.في غضون ذلك أعلن عملاقا المحاسبة، «بريس وترهاوس كوبرز» و«إرنست آند يونغ»، أنه لم يعد لديهما أي علاقة مع شركات إيرانية، لتكونا آخر شركتين ضمن سلسلة من الشركات قررت قطع علاقاتها مع إيران نتيجة الضغوط التي تمارسها الإدارة الأميركية على الشركات لوقف علاقاتها مع طهران. ويأتي ذلك بعد قرار مماثل اتخذته شركة «كيه بي إم جي» الشهر الحالي، وبذلك لم يعد لشركات المحاسبة الأربع الكبرى علاقات مع إيران وفقا لـ«نيويورك تايمز».وتزايد خلال الأشهر الأخيرة، إعلان شركات دولية وقف عمليات البيع، أو أنها ستقلص أنشطتها التجارية أو تنهي علاقاتها مع الشركات الإيرانية، ومن بين هذه الشركات «جنرال إلكتريك» و«هونتسمان» و«سيمينز» و«كاتربيلر» و«إنغرسول راند». بينما أعلنت «دايملر» أنها سوف تبيع حصة أقلية في شركة إيرانية تصنع المحركات. وفي طهران وصف الحرس الثوري في إيران أمس الجهود التي تتزعمها الولايات المتحدة لفرض عقوبات عليه بأنها مثيرة للسخرية.وصعدت إيران، أمس، ضد الإمارات العربية المتحدة على أكثر من نطاق، فبينما رفضت طهران تصريحات لوزير خارجية الإمارات شبه فيها احتلال إيران لجزر بلاده الثلاث بالاحتلال الإسرائيلي، محذرة من تكرار تصريحات غير مدروسة، وأن الشعب الإيراني هو من سيواجه هذه التصريحات «برد شديد» في المرات القادمة، صرح مسؤول عسكري إيراني كبير بأن المرحلة الثالثة من مناورة «النبي الأعظم5» تتضمن القيام بتدريبات للدفاع عن الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران في مياه الخليج، ومواجهة «تغلغل العدو».ويأتي التصعيد الإيراني عقب تصريحات أطلقها الثلاثاء الماضي وزير خارجية الإمارات، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال رده على سؤال برلماني في جلسة للمجلس الوطني الاتحادي، شبه فيها احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، باحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية، معتبرا أن احتلال أي أرض عربية هو احتلال وليس سوء فهم، «ولا فرق بين احتلال إسرائيل للجولان أو لجنوب لبنان أو للضفة الغربية أو غزة، فالاحتلال هو الاحتلال، ولا توجد أرض عربية أغلى من أرض عربية أخرى».ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا) عن قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد بابور، أن «الهدف الأساسي من هذه المناورة، (النبي الأعظم 5)، مواجهة التوغل المحتمل للعدو في الجزر الواقعة في مياه الخليج».وشهدت المناورات خلال اليومين السابقين مشاركة سلاح الجو بمقاتلات متطورة وجرى خلالها اختبار عدد من الأسلحة الجديدة، بالإضافة إلى مشاركة طائرات من دون طيار.من جهته، اعتبر نائب القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، هذه المناورات نقطة انطلاق لعمل مشترك للدفاع عن أمن المنطقة، والحد من تدخل القوات الأجنبية.يذكر أن وفودا عسكرية من دول الجوار، بينها الوفد القطري برئاسة العقيد عبد الرحيم الجناحي، حضرت المناورات.وردا على تصريحات وزير الخارجية الإماراتي بشأن احتلال طهران للجزر الإماراتية، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، رامين مهمان باراست، المسؤولين في الإمارات والدول الأخرى الجارة، بأن يتوخوا الدقة اللازمة في التصريحات الخاصة بالجزر الثلاث في الخليج العربي.كما أعرب المتحدث الإيراني عن أمله في أن تكون المصادر التي أوردت النبأ «قد أخطأت في نقله، ولم تراع الدقة اللازمة».وتحتل إيران 3 جزر إماراتية منذ عام 1971، وهي: جزيرتا طنب الصغرى وطنب الكبرى وتتبعان إمارة رأس الخيمة، وجزيرة أبو موسى وتتبع إمارة الشارقة، وترفض طهران أي مباحثات ثنائية مع الإمارات، كما ترفض رفع الخلاف على هذه الجزر، ودائما ما يصف المسؤولون الإيرانيون هذا الخلاف بأنه «سوء فهم».ولعل اللافت في التصعيد الإيراني هو تحذير المتحدث باسم وزارة الخارجية المسؤولين الإماراتيين من تكرار هكذا تصريحات، مضيفا: «إن تكرار هذا الكلام سيواجه برد شديد من قبل الشعب الإيراني، وفي حال خروج التصريحات عن الحد المتعارف فإن رد إيران سيأتي متناسبا مع تلك التصريحات».وأضاف: «إن ما نقل حول الجزر الثلاث والمقارنة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الغاصب للقدس، أثار حساسية بالغة لدى الشعب الإيراني».وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية مرة أخرى عن أمله في أن تكون المصادر غير موثوقة، أو أنها قد أخطأت في نقل التصريحات.وأكد: «في حالة صحة صدور هذه التصريحات، فإننا نشعر بأنه سيكون من الصعب السيطرة على مشاعر الشعب الإيراني تجاه مثل هذه التصريحات غير المدروسة».إلى ذلك، أكد القائد العام لقوة دفاع البحرين الفريق خليفة بن أحمد آل خليفة، على ضرورة التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين دول المنطقة لضمان أمن الخليج العربي ولمواجهة القراصنة، بحسب ما نقلته وكالة مهر للأنباء.وأعرب الشيخ آل خليفة خلال لقائه في المنامة سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى البحرين حسين أمير عبد اللهيان، عن ارتياحه لمستوى التقدم في العلاقات الثنائية والتبادل في الزيارات بين مسؤولي البلدين، مشيرا إلى أن هذه العلاقات تحظى باهتمام قادة البلدين على الدوام. وجدد القائد العام لقوة دفاع البحرين، دعم بلاده للبرنامج النووي الإيراني المخصص لأغراض سلمية، معتبرا أن التقنيات الحديثة ومنها التقنية النووية المدنية حق مشروع لجميع البلدان من أجل استخدامها في خططها التنموية.وأشار إلى أن المنطقة «عانت في السابق حروبا ونزاعات كبيرة وكثيرة، ألحقت الضرر بشعوب المنطقة، وأن المنطقة لا تطيق وقوع مغامرات جديدة، معتقدا أن انتهاج أسلوب الحوار والطرق الدبلوماسية هي أفضل السبل لتسوية الخلافات».بدوره دعا السفير الإيراني لدى البحرين إلى مزيد من التنسيق والتعاون بين دول المنطقة من أجل ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، مؤكدا «استعداد الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتطوير تعاونها الإقليمي مع دول المنطقة على أساس البنود الـ12 التي اقترحها الرئيس أحمدي نجاد في الدوحة».
يعاني مواطنون إماراتيون يعيشون في جزيرة أبوموسى الإماراتية من مشاكل يومية في حياتهم تحت الاحتلال الإيراني ويصفونها بأنها بدائية، في ظل خدمات سيئة، ورفْض إيراني متواصل لتحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية، وصيانة المنازل القديمة وفقا لصحيفة الإمارات اليوم.ووفقا للصحيفة فإن هؤلاء المواطنين يواجهون معاناة شديدة في العلاج، والتعليم، بسبب تعنت الجانب الإيراني،، موضحين للصحيفة أن العلاج يتلقونه في عيادة صغيرة، ويشترون احتياجاتهم من محل بقالة وحيد، وكثيراً ما يُمنعون من الخروج أو الدخول إلى الجزيرة.وتضيف الصحيفة، تُعاني المدرسة الوحيدة في الجزيرة، التي يدرس فيها نحو 150 طالباً، من مبانيها الخشبية، والكرفانات التي لا تصلح للتعليم.ووفقاً لروايات السكان الذين فضّلوا عدم نشر أسمائهم لدواعٍ أمنية، فإن الجزيرة التي تقدّر مساحتها بـ25 كيلومتراً مربعاً «مقسمة إلى قسمين، أكبرهما مستوطنة إيرانية، وتتمتع بخدمات متطورة، في حين لا يجد سكان الجزء الإماراتي إلا قليلاً من تلك الخدمات».ويضيفون «إذا مرض أحد السكان قد لا يجد العلاج، ويضطر إلى الانتظار أياماً عدة حتى يصل القارب الذي يربط السكان بالشارقة»، ويحدث أن «الجانب الإيراني يرفض خروج بعض السكان، وأحياناً يمنع دخولهم إلى الجزيرة، فيعودون إلى الشارقة».كما أن السكان «محرومون من خدمة الهاتف النقال، وممنوعون من خدمات الإنترنت، والأطباق اللاقطة، ووسيلة الاتصال بهم خط هاتف وحيد، يخدم مركز الشرطة، والعيادة، ومكتب البلدية والكهرباء، التابعة لحكومة الشارقة».ولاحظ مواطن أن «التضييق الذي تمارسه السلطات الإيرانية على المواطنين يهدف إلى تهجيرهم من أرضهم، وأرض أجدادهم التي سكنوها منذ عقود طويلة».ويروي المدير السابق لقسم الإعلام في بلدية الشارقة، عبدالله الشويخ، أنه «كان مشرفاً على مكتب الجزيرة في البلدية، وحاول على مدار خمسة أعوام دخول الجزيرة، لكن الجانب الإيراني قابل طلبه بالرفض»، مشيراً إلى أن «ممثل الإيرانيين، هو (الفرمندار) الذي يطلع على جواز سفر أي شخص يريد دخول الجزيرة، وهو الذي يسمح بنزوله من القارب، أو يرفض، ومن ثم يقرر عودته إلى الشارقة». واستذكر أن مواطناً توفي في الجزيرة ورفضت إيران دفنه فيها، ما اضطر ذويه إلى نقل جثمانه إلى الشارقة.وحاولت «الإمارات اليوم» الاتصال بمدرسة «أبوموسى» المختلطة، لكن لا يخدمها أي خط هاتفي.وقالت مديرة منطقة الشارقة التعليمية فوزية غريب لـ«الإمارات اليوم» إن «المدرسة يدرس فيها نحو 150 طالباً من الإماراتيين والوافدين، وينتظمون في المراحل التعليمية من الروضة إلى الصف الثاني عشر»، مشيرة إلى أن «المدرسة مقسمة إلى جزء مبني بالحجر، وجزء آخر عبارة عن مبانٍ خشبية».وأوضحت أن «المنطقة التعليمية كثيراً ما ترسل أجهزة تعليمية، وأدوات دراسية إلى المدرسة، لكن تلك الأجهزة تبقى في الميناء لأيام عدة، وقد يسمح الإيرانيون بدخولها، وكثيراً ما يرفضون»، وأشارت إلى أن «شحنة من أجهزة الكمبيوتر أرسلت إلى المدرسة، فبقيت في الميناء أربعة أشهر».
اضيف بتاريخ : 29/ 09/ 2008
موسوعة الرشيد/ وكالات
أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة إن الإجراءات والتدابير العسكرية والإدارية التي مازالت إيران تتخذها في
الجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى باطلة وغير قانونية ويجب إلا يترتب عليها أي اثر قانوني مهما طال احتلالها.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان وزير الخارجية الإماراتي : (يشكل استمرار احتلال إيران لجزر الإمارات العربية المتحدة الثلاث قضية مركزية لنا.. ونحن نجدد من على هذا المنبر موقفنا المطالب باستعادة سيادتنا الكاملة على هذه الجزر ومياهها الإقليمية ومجالها الجوي وجرفها القاري والمنطقة الاقتصادية الخاصة بها.. باعتبارها جزءا لا يتجزأ من السيادة الوطنية لدولة الامارات).
واضاف الشيخ عبدالله بن زايد ال نهيان في كلمة بلاده امام الدورة 63 لاجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة : ( على ان جميع الإجراءات والتدابير العسكرية والإدارية التي مازالت إيران تتخذها منذ احتلالها هذه الجزر باطلة وغير قانونية ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة واحكام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار ولا يترتب عليها أي أثر قانوني مهما طال أمدها ) .
ومن الجدير بالذكر ان الجزرالاماراتية الثلاث طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى احتلتها إيران في عام 1971 م وتهدد ايران بين الحينة والاخرى باستخدام الجزر الاماراتية ومضيق هرمز في الحرب مع اميركا .
المستشار عبد الوهاب
قاضي بالمحكمة الاتحادية العليا - أبو ظبي
مقدمة
في الساعة الثنية والنصف من صباح يوم 30/11/1971 اجتاحت القوات البحرية الإيرانية - قبل فقط من إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة وإنهاء معاهدات الحماية البريطانية لمشيخات ساحل عمان، الحدود البحرية المتحدة لإمارتي الشارقة ورأس الخيمة إثر هجوم غازية ثلاث جزر عربية في الخليج العربي هي : أبو موسى، طنب الكبرى وطنب الصغرى ومعلنة احتلالها (استرجاعها إلى الوطن الأم بعد أن اقتطعها بريطانيا قبل ثمانين عاما كما جاء في الخطاب السياسي الإيراني)،
وقد أثار الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث ردود فعل عربية محلية وإقليمية على المستويين الرسمي والشعبي تمثلت في إصدار العديد من بيانات الشجب والاستنكار، واندلاع المظاهرات في معظم عواصم العال العربي، فضلا عن تحرك دبلوماسي تمثل في تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي والجامعة العربية.
ولحد الآن، ورغم مرور أكثر من ثلاثة وعشرين عاما على احتلالها، فلا زال ملف هذه المشكلة مفتوحا ودون حل، وقد أثبتت الأحداث أن مثل هذه المشاكل تكون دائما مصدر تهديد خطير للأمن والسلم الدوليين. فالادعاءات الإيرانية في شط العرب أدت إلى حرب ضروس بين العراق وإيران استمرت ثمانية أعوام )حرب الخليج الأولى) والادعاءات العراقية في الكويت أدت إلى اجتياح العراق للكويت واحتلالها وما ترتب على ذلك من نتائج وخيمة أبرزها اندلاع حرب دولية في الخليج العربي ( حرب الخليج الثانية).
ورغم أن الحكومة الإيرانية قدمت عدة تبريرات يستند بعضها على التمسك بفكرة الحق التاريخي، ويستند بعضها الآخر على مقولة الاعتداد بالمصالح ذات الطبيعة السياسية سعيا منها لإضفاء المشروعية على احتلالها، إلا أن تبريراتها ظلت عاجزة عن أن تقدم أساسا صالحا يمكن الارتكاز عليه لإضفاء المشروعية على احتلالها.
وبالمقابل فإن دولة الإمارات تؤسس حقها في استرجاع جزرها المحتلة على أسانيد تاريخية وسياسية وجغرافية وقانونية تقطع جميعها بعروبة الجزر وتبعيتها الواقعية والقانونية لها. ولما كان تناول كافة هذه الأسانيد بالشرح والتحليل والتعقيب يقتضي من الباحث فيها معرفة تامة بأحداث التاريخ ووقائعه وخفايا السياسة ومجاهلها، ومعطيات الجغرافية وحقائقها، وفقه القانون وحكمه وهو ما لا ندعيه ومن ثم فإن الحديث في هذه الورقة سيقتصر على شرح موجز - بقدر المعلومات المتواضعة لمعد هذه الورقة - عن الأسانيد القانونية المثبتة تبعية الجزر الثلاث لدولة الإمارات العربية المتحدة لما هذه الأسانيد من أهمية علمية في النزاع القائم بين إيران ودولة الإمارات العربية المتحدة حول الجزر الثلاث.
بيد أنه وقبل الولوج في بيان الأسانيد القانونية، فإنه من المستحسن التعرض ولو بشيء من الإيجاز للموقع الجغرافي للجزر وأهميتها الاستراتيجية، وذلك بغية الوصول إلى فهم أفضل لطبيعة النزاع من جانبه الاستراتيجي.
I- الموقع الجغرافي للجزر العربية الثلاث
1- جزيرة أبو موسى :
وهي إحدى الجزر التابعة لإمارة الشارقة، ( إمارة الشارقة إحدى الإمارات الأعضاء في الاتحاد). تقع جزيرة أبو موسى على بعد (94) ميلا من مدخل الخليج العربي (مضيق هرمز) قبالة ساحل إمارة الشارقة، وتبعد عن مدينة الشارقة علىالساحل الغربي للخليج العربي بحوالي (45) ميلا تقريبا و (50) ميلا تقريبا عن الساحل الشرقي للخليج.
والجزيرة ذات شكل طولي تبلغ مساحتها حوالي (35) كيلومترا مربعا. بتكون سطح الجزيرة من سهول منخفضة خالية من الأشجار عدا بعض المساحات القليلة التي تتواجد قرب آبار المياه العذبة. ويوجد على أرض الجزيرة مرتفع ذو صخور بركانية يزيد ارتفاعه عن ( 500) قدم.
تمتاز الجزيرة باعتدال مناخها صيفا ودفئها شتاء حيث عليها الأمطار في فصل الشتاء فنبتت فيها الأعشاب الصالحة للرعي. تحتوي أراضي الجزيرة على معادن كثيرة أهمها البترول وأكسيد الحديد الأحمر وكبريتوز الحديد.
كما تمتاز الجزيرة بعمق المياه المحيطة بها لتتيح فرصة جيدة لصيادي الأسماك من الاصطياد بها، حيث يبيعون ما يصطادونه، إما للسفن العابرة للجزيرة أو في أسواق الشارقة ودبي وأبو ظبي.
يقطن الجزيرة حوالي ألف وسبعمائة نسمة جميعهم من العرب الأصليين الذين ينتمون إلى القبائل العربية في الساحل الغربي، ويعمل معظمهم في مجال الصيد والنقل البحريين، وإلى جانب سكان الأصليين يسكن الجزيرة بعض أبناء الدول العربية الذين يعملون في مجال التدريس والصحة، وبعض الآسيويين الذين يؤدون أعمال خدمية، وفي السنوات الثلاث الأخيرة شجعت إيران موظفيها في الجزيرة على استقدام عائلاتهم للسكن والإقامة فيهما.
2- جزيرة طنب الكبرى :
وهي إحدى الجزر التابعة لإمارة راس الخيمة، وتقع هذه الجزيرة على مدخل مضيق هرمز إلى الشمال من جيرة أبو موسى وتبعد عنها حوالي (50) كيلومترا، وتبعد عن رأس الخيمة بمسافة ( 75) كيلومترا وعن الساحل الشرقي للخليج مسافة (50) كيلومترا، تبلغ مساحتها حوالي ( 20) كيلومترا مربعا.
تمتاز الجزيرة بسطحها المنبسط، وتوفر المياه العذبة والمراعي فيها.
وقبل احتلالها كان يسكنها حوالي سبعمائة شخص من العرب الذين ينحدرون من قبائل تميم وحريز، وقد قامت إيران بتهجيرهم قسرا إلى رأس الخيمة.
تتوفر الجزيرة على معدن النفط، وتوجد بعض الأجهزة الخدمية كالمدارس والعيادات ومركزا للشرطة وفنارا لإرشاد العابرة للخليج أقيم عليها عام 1912 بموافقة حاكم رأس الخيمة آنذاك سالم بن سلطان القاسمي.
3- جزيرة طبن الصغرى :
وهي إحدى الجزر التابعة لإمارة رأس الخيمة أيضا، تقع هذه الجزيرة عند مضيق هرمز على بعد (10) كيلومترات غرب جزيرة الكبرى، تقدر مساحتها باثني عشر كيلو مترا مربعا.
تبعد جزيرة طنب الصغرى عند الساحل الشرقي للخليج العربي حوالي (45) كيلومترا، وعن الساحل الغربي حوالي (81)كيلومترا. تتكون أراضيها من تلال صخرية داكنة اللون تقع في أطرافها الشمالية.
والجزيرة مجدبة وغير مأهولة بالسكان نظرا لعدم توفر المياه العذبة فيها، يلجأ إليها الصيادون عند اشتداد الرياح وتشير التقارير الأولية لبعثات التنقيب عن النفط إلى وجود كميات كبيرة من هذا المعدن فيها.
II - الأهمية الاستراتيجية للجزر العربية الثلاث
تستقي الجزر العربية الثلاث أهميتها الاستراتيجية من الأهمية الاستراتيجية للخليج ذاته. فعبر بوابة هذا الخليج (مضيق هرمز) يمر 86% من صادرات نفط الشرق الأوسط إلى العالم الصناعي، ومن دوله تستورد الولايات المتحدة الأمريكية ما يزيد على 60 % من احتياجاتها البترولية. وتختزن دولة في باطن أراضيها أكبر مخزون نفطي في العالم.
وعبر هذه البوابة تصل إلى دول الخليج أكثر من 45 % من صادرات الدول الصناعية، فضلا عما يمثله موقع الخليج الجغرافي كمنطقة لطرق المواصلات البحرية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ووسط هذه المعطيات تأتي الأهمية الإستراتيجية للجزر الثلاث. فبحكم موقعها الجغرافي في الخليج تتحكم هذه الجزر في الممرات الملاحية الدولية في الخليج العربي المحددة من طرف المنظمة البحرية الاستشارية بين الحكومات (الأمكو) فقد حددت هذه المنظمة الممرات الملاحية في الخليج العربي في ثلاث مناطق هي :
1- منطقة مضيق هرمز
2- منطقة جزر الطنب فارور
3- منطقة رأس تنورة
تقع المنطقة الثانية في الجهة الجنوبية للخليج العربي باتجاه غرب مضيق هرمز، وتمتاز بكثرة وأهمها جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وصري وفارور، إضافة إلى عمق مياهما وكثافة حركة الملاحة فيها وازدحامها، ولذلك فقد رسمت (الأمكو) خطين لمرور السفن فيها يقع الخط الأول في الشرق ويتجه نحو الخليج العربي، بينما يقع الخط الثاني في الغرب ويتجه خارج الخليج العربي وقد أنشأت (الأمكو) ممرات ملاحية في الخطين المشار إليهما.
وبسبب كثافة حركة الملاحة في المنطقة الواقعة بين مدخل مضيق هرمز وحتى جزيرة فارور، فإن الملاحة فيها تخضع للقواعد وضعتها منظمة ( الأمكو)ن وبموجب هذه القواعد فهناك مسار للسفن الداخلة إلى الخليج ويحاذي هذه المسار الساحل الإيراني، ومسار آخر للسفن الخارجة من الخليج ويحاذي الساحل العربي، ويبعد هذا المسار الخارج من الخليج شمالا عن جزيرة طنب الكبرى وطنب الصغرى تشرفان على المسارين ، بينما يشرف الجزء الشمالي من جزيرة أبو موسى على الجهة الجنوبية للمسار البحري الخارج من الخليج، ولذا فإن معظم القوات الإيرانية التي تحتل الجزيرة اتخذت مواقعها في شمال الجزيرة وذلك لما يمثله هذا الجزء من أهمية استراتيجية كنقطة إشراف ومراقب على خطوط الملاحة الدولية في الخليج.
فالجزر العربية الثلاث إذن في مواقعها هذا أشبه بالصمام الذي يتحكم في الشريان المائي والملاحي الذي يمثله الخليج العربي المرتبط ببحر العرب والمحيط الهندي من جهة الشرق والبحر الأحمر من جهة الغرب.
وبحكم موقعها الجغرافي أيضا فإن الجزر العربية الثلاث صالحة للاستخدامات العسكرية، وهذا ما فعلته إيران مؤخرا في جزيرة أبو موسى حيث عززت قواتها العسكرية في الجزيرة وزادت أعداد العسكريين فيها من 120 إلى 500 عسكري ونصبت قواعد لصواريخ سيلك وروم وأنشأت مطار عسكريا.
وفي إطار الأهمية الإستراتيجية للجزر، فإن الجزر الثلاث تتوفر على بعض المعادن والترواث الطبيعية كالبترول وأوكسيد الحديد الأحمر ومصائد الأسماك واللؤلؤ الطبيعي.
III - الأسانيد القانونية المثبتة تبعية الجزر الثلاث لدولة الإمارات العربية المتحدة
دون ما بحق عن الدوافع التي حدث بإيران على المطالبة بالجزر العربية الثلاث، ومن ثم احتلالها بالقوة العسكرية في الثلاثين من نوفمبر عام 1971، فإن الذي لا خلاف عليها أن عروبة الجزر الثلاث وتبعيتها لقواسم عمان ( الشارقة ورأس الخيمة) لم تكن محل إنكار أو اعتراض من جانب الحكومات الفارسية المتعاقبة .
وأول مطالبة فارسية بملكيتها وتبعيتها لفارس جرت في عام 1887 م على أساس أنها من ملحقات إمارة لنجه التي أصبحت منذ هذا التاريخ جزءا من أراضي التاج الفارسي ­ ، ثم تبعتها مطالبات أخرى لاحقة خلاب الأعوام : 1904،1925، 1928، 1934،1951،1961،1964




اقترنت بأفعال تمثلت في إنزال العلم الفارسي بدلا منه، وتفتيشها بين الحين والآخر، واحتجازا مراكب وسفن تابعة لأهالي الإمارات وإجراء المناورات البحرية داخل الجزر وفي مياهها الإقليمية ، وإرسال موظفين إيرانيين إليها لإجراء تعداد سكاني لها ، و إرسال طائرات إيرانية إليها لالتقاط صور لها ... الخ ، وانتهت هذه الأعمال باحتلالها عسكريا عام 1971(**) .. وكانت هذه الانتهاكات تواجه باحتجاجات شديدة من جانب حاكمي الشارقة ورأس الخيمة .
ومنذ احتلالها ودولة الإمارات العربية المتحدة تسعى جاهدة نحو استرجاعها بكافة الطرق والوسائل السلمية ، وهي في سعيها هذا تنطلق من ثوابت أربعة أساسية هي :

أولا : أن الجزر الثلاث عربية الموقع والتاريخ والثقافة .
ثانيا : إنها جزء لا يتجزأ من تراب دولة الإمارات العربية المتحدة .
ثالثا : إنها محتلة عسكريا من طرف إيران .
رابعا : إن على دولة الإمارات واجب استرجاعها بكافة الطرق والوسائل السلمية .
تؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة حقها في استرجاع جزرها على أسانيد تاريخية وسياسية ، وجغرافية وقانونية وتقدم الأسانيد القانونية على المحاور التالية :

1- أسانيد قانونية مبنية على القيمة الاستدلالية للوثائق .
2 - أسانيد قانونية مبنية على القوة الإلزامية لقواعد ومبادئ القانون الدولي
3 - أسانيد قانونية مبنية على الوقائع التاريخية .
4-أسانيد قانونية مبنية على الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة الإقليمية .



أولا الأسانيد القانونية المبينة على القيمة الاستدلالية للوثائق
تتوزع الوثائق إلى ثلاثة أقسام :
أ- الرسائل : وهي ثلاثة أنواع :
1 - رسائل متبادلة بين قواسم عمان ( الشارقة ورأس الخيمة ) وقواسم الساحل الشرقي للخليج ( قواسم لنجه) ، وتتضمن هذه الرسائل اعترافات واضحة وصريحة من حكام لنجه بتبعية الجزر الثلاث لقواسم عمان . وتكمن القيمة القانونية لهذه الاعترافات في أنها مبرأة من شائبة الإكراه إذ أنها صدرت من أشخاص ينتمون إلى أسرة واحدة في إطار توزيع عائلي للممتلكات دون ما ضغط أو تدخل من جانب السلطات الفارسية أو البريطانية .
وفي هذا الصدد فإن إيران - في إطار تمسكها بفكرة الحق التاريخي كأساس لادعاءاتها بالجزر - تلوح برسائل حاكم لنجه السيد يوسف بن محمد التي بعثها إلى الحكومة الفارسية يقر فيها بتبعية الجزر الثلاث لفارس وبذهابه إليها لجباية الضرائب والرسوم من سكانها باعتبارهم من رعايا فارس ، بالإضافة إلى رسائل أخرى من حكام عرب آخرين - خلاف حاكم لنجه - يقرون فيها بتبعية الجزر الثلاث لقواسم لنجه والحقيقة إن رسائل يوسف بن محمد لا تقوى لأن تكون أساسا صالحا للادعاء لما يشوبها من تناقض ولما يعتريها من ضعف ووهن ، ولما أحاط بإصدارها من ظروف سياسية .
أما رسائل بقية الحكام فإنها من الناحية القانونية لا تعدو أن تكون شهادات سماعية لا تصلح تكون دليلا للإثبات أو للاحتجاج .
2 - رسائل متبادلة بين الحكومة البريطانية باعتبارها الدولة الحامية والحكومة الفارسية .
وهي عبارة عن كم وفير من الخطابات والتقارير والمذكرات المتبادلة بين الحكومة البريطانية ممثلة في حكومة الهند والمقيم البريطاني في الخليج ، ولحكومة الفارسية بخصوص النزاع على عائدية الجزر ، وتتميز هذه الرسائل بصياغتها الدبلوماسية وبتناولها النزاع من جوانبه القانونية والسياسية والتاريخية ، وهي إن كانت تعبر عن وجهة نظر بريطانيا باعتبارها الدولة الحامية وصاحبة المصلحة في الخليج والحكومة الفارسية باعتبارها الجهة المدعية ، إلا أنها تلقي الضوء على أسس عائديةالجزر لدولة الإمارات ، وضعف أساس الادعاء الفارسي ، وتغطي هذه الرسائل الفترة بين أواسط القرن التاسع عشر وحتى نهاية ستينات هدا القرن .
3 - رسائل متبادلة بين حكام الشارقة ورأس الخيمة والسلطات البريطانية في الخليج .
ويشمل هذا النوع من الوثائق الرسائل والخطابات المتبادلة بين حكام الشارقة ورأس الخيمة والسلطات البريطانية عندما كانت السلطات الإيرانية تقدم على انتهاك سيادتهم على الجزر الثلاث، ومن أشهرها رسالة الشيخ صقر بن خالد القاسمي المؤرخة 16 / 10 / 1887 إلى المقيم السياسي البريطاني في الخليج احتجاجا على احتلال السلطات الفارسية لجزيرة صري التابعة للشارقة .
كما تتضمن هذه الرسائل استئذان السلطات البريطانية من حكام الإمارتين في إنشاء بعض التجهيزات في الجزر ، أو الإذن بزيارتها ، أو بإجراء مناورات عسكرية فيها .
وتأتي أهمية هذه الرسائل في أنها تكشف عن مظاهر الممارسة الفعلية للسيادة العربية على الجزر الثلاث منذ بزوغ فجر النزاع .
ب - الخرائط : في مجال القيمة الاستدلالية للخرائط يفرق عادة بين أنواع ثلاثة من الخرائط، فهناك الخرائط الملحقة بمعاهدات الحدود و المنصوص عليها في صلب المعاهدة على أنها جزء لا يتجزأ منها ، وبالتالي فهي ملزمة لأطراف المعاهدة إلزام نصوصها .
وهناك الخرائط الملحقة بمعاهدات الحدود لكن غير منصوص عليها في صلب المعاهدة على اعتبارها جزءا لا يتجزأ منها . وتتمتع هذه الخرائط بقيمة قانونية وقة إلزامية أقل و أدنى من قيمة وإلزامية معاهدات الحدود ذاتها ، ولهذا ففي حالة حدوث تعارض بين معاهدات الحدود وهذا النوع من الخرائط فإن الفضلية والغلبة تكون لمعاهدة الحدود .
وأخيرا هناك الخرائط التي تصدرها الدول أو إحدى التوزيعات أو إحدى التوزيعات التابعة لها من حين لآخر لأغراض مختلفة . وما لم تكن الدولة مصدرة الخريطة قد قصدت من إصدارها اتحاد موفق معين في قضية أو نزاع ما فإن هذه الخرائط لا تتمتع بقيمة قانونية أو قوة إلزامية في حد ذاتها ، فهي غير ملزمة للدولة التي أصدرتها ومن باب أولى للدول الأخرى التي تعنيها المعلومات المبنية عليها . غير أن تواتر الدولة على إصدار مثل هذا النوع الخرائط قد يستشف منها ( أحيانا ) موفق الحكومة المصدرة تجاه مسألة حدودها ، لأن هذه الخرائط غالبا ما تمثل وقت إصدارها مفهوم تلك الدولة لحدود سيادتها خاصة إذا ما تأيدت هذه الخرائط بوقائع وأدلة أخرى .
ومن المؤكد تاريخيا أن السلطات البريطانية لم تبرم معاهدة لترسيم الحدود البحرية بين إمارات الساحل المتصالح سابقا ( دولة الإمارات العربية المتحدة حاليا ) وبين إيران ، لكن بعض المؤسسات التابعة لسلطات الحماية أصدرت لأغراض ملاحية أو تجارية خرائط بينت عليها تبعة الجزر الثلاث ليست جزءا من إيران بل من أراضي دولة الإمارات .
وحتى عام 1780 كانت خرائط دولية كثيرة تشير إلى عروبة الجزر بل إن الخرائط الصادرة بعد ذلك التاريخ وهي كثيرة أشارت بوضوح في العديد منها إلى تبعية الجزر الثلاث للإمارات . وأبرز مثال على ذلك خريطة أصدرتها شركة خرائط إيرانية عام 1955 أوضحت فيها أن الجزر الثلاث ليست جزءا من إيران بل من أراضي دولة الإمارات .
وفي هذا الصدد تتمسك الحكومة الإيرانية بخريطة أصدرتها البحرية البريطانية في الطبعة الأولى من كتاب " مرشد الخليج " ( الفارسي ) الصادر عام 1875 ظهرت فيهما الجزر الثلاث بذات اللون الذي أعطته هذه الخريطة للأراضي الفارسية .
ورغم أن الطبعات اللاحقة لهذا الكتاب أظهرت الجزر الثلاث بذات اللون الذي ظهرت به أراضي دولة الإمارات ، ورغم اعتراف بريطانيا أن هذا الكتاب لا يعدو أن يكون دليلا للملاحة في الخليج لا لترسيم حدود دولية رغم أن السلوك اللاحق لبريطانيا ناقض ما ورد في الخريطة المذكورة، إلا أن الحكومة الإيرانية لا زالت تتمسك بها كأساس للمطالبة بتبعية الجزر الثلاث لها .
ج -مذكرة التفاهم : بعد سلسلة من التهديدات الإيرانية الواضحة والصريحة باحتلال الجزر الثلاث بالقوة ، وتحت ضغوط بريطانية وعربية ، وتحت ظل وطأة الظروف الاقتصادية الصعبة التي
كانت تمر بها إمارة الشارقة آنذاك أبرم حاكمها الشيخ خالد بن محمد القاسمي مذكرة تفاهم مؤقتة مع الحكومة الإيرانية سمحت بمقتضاها بتواجد قوات إيرانية على أجزاء من جزيرة أبو موسى ، وبتحليل بنود الذاكرة يتضح أنها ميزت بين الوجود العربي والإيراني على الجزيرة ، فهي تصف الوضع الإيراني بأنه وضع احتلال عسكري (The will occupy area) وأن القوات الإيرانية تضع يدها على أراضي محتلة .Are accupied by iranian troops
أما وصف المذكرة للتواجد الإماراتي فهو وصف سلمي إذ تقول : (Shrjah will have jusridiction over the remaider of the Island) وتمكن القيمة الاستدلالية لهذه المذكرة أن بنودها - عند تفسيرها على ضوء الظروف التي تم توقيع المذكرة فيها ، وعلى ضوء مبدأ حسن النية المفترض في تفسير الاتفاقات - تقطع بأن التواجد الإيراني على الجزيرة إنما هو عرض على أصل: فالأصل أن السيادة للإمارات والعرض أن الطارئ هو التواجد الإيراني على الجزء الشمالي من الجزيرة .
ثانيا : الأسانيد القانونية المبنية على القوة الإلزامية لقواعد ومبادئ القانون الدولي
توفر قواعد القانون الدولي ومبادئه المتعلقة بأسس تسوية نزاعات الحدود وغطاءا قانونيا يسند حق دولة الإمارات العربية المتحدة في استرجاع جزرها المحتلة . ولعل أهم هذه المبادئ :
أ - مبدأ عدم الاعتداد بالأوضاع الإقليمية الناجمة عن استخدام القوة .
يجد هذا المبدأ جذوره في العديد من الاتفاقات الدولية التي حظرت استخدام القوة في العلاقات الدولية أو التهديد بها .
ومؤدى هذا المبدأ أن أي مكسب إقليمي يكون ناتجا عن استخدام القوة يعتبر باطلا وغير شرعي ، وبالتالي قلم يعد الفتح سببا مشروعا لاكتساب السيادة على الإقليم ، فالباطل لا يكسب حقا .
وبصدور ميثاق الأمم المتحدة ارتقى هذا المبدأ إلى مصاف القواعد القانونية الدولية الأخرى، إذ يترتب تلقائيا على المادة (2 / 4 ) من الميثاق عدم جواز الاعتراف بالتغييرات الإقليمية الناجمة عن استخدام القوة .

والثابت أن إيران بسطت سيادتها وسيطرتها على الجزر باستخدام القوة العسكرية ، ومن ثم فإن تواجدها على الجزر الثلاث إنما هو تواجد احتلالي غير مشروع .
ب - مبدأ تسوية المنازعات الدولية بالطرق السلمية .
منذ أن بدأ المجتمع الدولي الاتجاه نحو نبذ القوة كوسيلة لتسوية المنازعات الدولية وهو يفتح السبل ويمهد الطرق أمام الدول لحل منازعاتها على نحو لا تضطر معه لاستخدام القوة ، ولا يتعرض معه الأمن والسلم الدوليين للخطر . فقد جاءت الاتفاقات الكبرى التي أبرمت منذ مؤتمرات لاهاي (1899 -1907 ) لتبين طرق ووسائل التسوية السلمية لحل المنازعات الدولية في المادة (33 /1 ) من ميثاق الأمم المتحدة . وطبقا لهذه المادة فإن وسائل التسوية السلمية يمكن إلى نوعين :
طرق ووسائل دبلوماسية كالمفاوضات والمساعي الحميدة والوساطة والتحقيق والتوفيق ، وطرق ووسائل قضائية كالتحكيم ومحكمة العدل الدولية .
وفي النزاع الحاصل كان مسار دولة الإمارات مسارا سليما يتناسب مع قدراتها واحترامها للقانون الدولي ، فسعت أولا إلى طرق وسائل التسوية الدبلوماسية ، لكن التعنت الإيراني أفشل كل سعي دبلوماسي ثم جاءت دعوة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى لسان رئيسها صاحب السمو الشيخ زايد سلطان آل نهيان بعرض النزاع على محكمة العدل الدولية ، وجاء الرفض الإيراني أيضا لهذا الحل لتخوفها من ضعف موفقها القانوني وصعوبة إثبات ملكيتها للجزر الثلاث .
ليس أمام الإمارات إلا السعي نحو عرض الأمر على مجلس الأمن الدولي لفرض استصدار توصية برفع النزاع إلى محكمة الععل الدولية ، حيث أنه لا مجال لحل النزاع سلميا إلا عن هذا الطريق .
ج - مبدأ ثبات الحدود الدولية واستقرارها
يقصد بمبدأ ثبات الحدود واستقرار خطوط الحدود الدولية للدول وثباتها طبقا لسند الحصة الذي تستند عليه كل منها واعتبارها بالتالي خطوطا ثابتة لا يجوز تعديلها من جانب واحد. ومتى تم تعيين الحدود على أساس سند حق صحيح ومشروع فإنها أي الحدود تنتج آثارا قانونية ذات طبيعة دائمة وملزمة ليس فقط في مواجهة الأطراف المعنية مباشرة ، وإنما أيضا في مواجهة الكافة .
ومن الثابت تاريخيا أن الجزر الثلاث كانت خاضعة لسيادة قواسم عمان قبل مجيء بريطانيا إلى المنطقة واستمر خضوعها لهم حتى انسحاب بريطانيا وإعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة التي خلفت مشيخات إمارات الساحل المتصالح فيما أبرمت من اتفاقات وخصوصا اتفاقات الحدود.
ولو سلمنا جدلا بزعم إيران من أن الجزر الثلاث كانت تابعة لها وأن بريطانيا أدخلتها ضمن حدود دولة الإمارات ، فإن احتلال إيران لها يعد إخلالا بمبدأ ثبات الحدود الدولية الموروثة عن الاستعمار.
كما لا يجدي إيران نفعا ما تردده في أن التواجد العربي على الجزر الثلاث قبل مجيء الاستعمار البريطاني كان تواجدا إحتلاليا ، فإنه - وحتى لو سلمنا بهذا الزعم - بيد المقرر أن الاحتلال كان سببا مشروعا لاكتساب الأقاليم في ظل القانون الدولي التقليدي وبالتالي فإن هذا الاحتلال يكون سند الحق لدولة الإمارات .
ثالثا : الأسانيد القانونية المبنية على الوقائع التاريخية
كثيرة هي الوقائع التاريخية التي تؤيد عروبة الجزر الثلاث ، وتؤكد تبعيتها لدولة الإمارات العربية المتحدة ، ومن الصعب استعراض كل تلك الوقائع أو حتى إيراد جرد لها ، ولذلك فسوف يقتصر الكلام هنا عن الوقائع التاريخية التي كشفت عن رغبة إيران في شراء الجزر الثلاث أو استئجارها من أصحابها الحقيقيين .
1 -خلال المفاوضات التي جرت بتاريخ 18 أبريل 1930 بين الحكومة الفارسية ممثلة في وزير البلاط الفارسي السيد تيمور تاش والحكومة البريطانية ممثلة في السيد آر . كلايف الوزير البريطاني المفوض في طهران طرحت الحكومة الفارسية عرضا لشراء طنب الكبرى من حاكم رأس الخيمة .
2 - في 2 / 10 / 1930 عرض وزير البلاط الفارسي مرة أخرى مسألة استئجار الجزر الثلاث بعقد طويل الأجل ( 50 سنة ) . وتم تأييد هذا العرض بحضور وزير الخارجية الفارسي ، إذ قال وزير البلاط " ... إذ قام الشيخ - يعني حاكم رأس الخيمة - بتأجير الجزيرة لمدة خمسين سنة ، فإن الحكومة الفارسية ستدفع له إيجارا معادلا للإيجار الذي تدفع بريطانيا لإيران مقابل استئجار جزيرة هنجام .
3 - في أغسطس 1929 صرح وزير البلاط الفارسي أن إيران ستتخلى عن مطالبتها بجزيرة أبو موسى إذ قبلت الحكومة البريطانية الاعتراف بملكية إيران لجزر الطنب .
4 - أظهرت مناقشات وزير البلاط الفارسي مع المفوض البريطاني في طهران بتاريخ27 / 8 / 1929 رغبة الحكومة الفارسية بضم الجزر إليها مقابل تعويض تدفعه إلى الحكام العرب التابعة لهم هذه الجزيرة .
5 - في عام 1968 بعث شاه إيران محمد رضا بهلوي الجنرال نصيري أحد كبار ضباط استخبارته إلى حاكم رأس الخيمة سمو الشيخ صقر بن محمد القاسمي عارضا عليه استئجار أو شراء جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى .
خلال الجولات الحكومية التي قام بها السيد وليم لوس المبعوث البريطاني إلى دول الخليج منذ بداية عام 1971 وحتى إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة ، قدم المبعوث البريطاني مشروع تسوية - مقترح من إيران - لحكومة رأس الخيمة يتضمن تأجير جزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى مقابل مبلغ مليون جنيه استرليني سنويا ولمدة تسع سنوات يدفع على أقساط ، إضافة إلى 49 % من عوائد البترول الذي يستخرج من طنب الكبرى .
وتظهر القيمة القانونية لهذه الوقائع في أنها تمثل إقرارا ضمنيا من إيران بتبعية الجزر الثلاث لدولة الإمارات . ومن المعروف في فقه القانون أن الإقرار إما أن يكون صريحا أو ضمنيا ، ويستدل على الإقرار الضمني من أي سلوك أو تصرف يأتيه أحد الخصوم يسلم بمقتضاه بما يدعيه خصمه من حق أو ادعاء .
رابعا : الأسانيد القانونية المبنية على الممارسة الفعلية لمظاهر السيادة الإقليمية
تعني السيادة الإقليمية أو الاختصاصات التي تمارسها الدولة على وجه الشمول في الحيز المكاني أو الجغرافي الذي يمثل إقليمها .
وثمة تلازم حتمي بين الملكية الإقليمية والسيادة الإقليمية ، إذ لا يمكن للسادة ذاتها أن تخول الدولة ممارسة حقوقها السيادية على الإقليم ما لم تكن ملكية الإقليم ثابتة لها ، وكنتيجة لهذه الملكية تباشر الدولة بنفسها ممارسة مظاهر سيادتها على الإقليم وعلى جميع الأشخاص المقيمين عليه والأملاك والأشياء المتواجدة فيه وعلى هذا النحو فإن السيادة والاستئثار في ممارستها ، وتشير وقائع التاريخ إلى أن إماراتي الشارقة ورأس الخيمة تولتا تنظيم كافة مظاهر الحياة الإنسانية في الجزر على وجه الشمول والاستئثار .
وتجلت ممارسة مظاهر السيادة الإقليمية في النواحي السياسية والإدارية .
أ - الناحية السياسية :
- استيفاء الرسوم وفرض الضرائب ورسوم عبور السفن .
- التعاقد ومنح الامتيازات ( امتياز الأكسيد الأحمر ، الإذن بالتنقيب عن النفط ).
- الإذن بزيارة الجزر وإقامة المنشآت عليها ( إنشاء فنار في طنب الكبرى ، الإذن بزيارة الجزر لإجراء المسح الجيولوجي بحثا عن المعادن ... الخ )
ب - الناحية الإدارية
- مرفق الأمن ( تولي مسؤولية حماية الأمن والنظام والسكينة والتحري عن الجرائم ومتابعة مقترفيها ... الخ ).
- مرفق التعليم ( إنشاء المدارس والإشراف عليها ... )
- مرفق الصحة ( توفير الرعاية الصحية لأبناء الجزر ...)
- مرفق القضاء ( الفصل في النزاعات والخصومات وإثبات العقود والتصرفات القانونية وغيرها).
كلمة أخيرة :
إن القضاء هو القادر على وزن هذه الأسانيد وإنزالها منزلتها الصحيحة وتقدير قوتها في الإثبات ، ومن هنا تأتي أهمية دعوة صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيانبعرض النزاع على القضاء الدولي ممثل في محكمة العدل الدولية أو هيئة تحكيم دولية .
فهل تدرك إيران أن حل النزاع سلما أجدى و أنفع لها من الإصرار على احتلال الجزر؟
إن القبول بحكم القانون سيؤدي إلى توسيع دائرة العلاقات بين إيران ودولة الإمارات ويخفف من حدة المشاكل بينهما . فهل يعي إيران ذلك ؟ .




­ (لنجة) : إمارة عربية ظهرت على الساحل الشرقي للخليج العربي ضمن إمارات عربية أخرى، وقد آل أمر الحكم فيها إلى أسرة القواسم منذ القرن السابع شعر وحتى سوقطها عام 1887م. عرف حكامها القواسم ب "قواسم الساحل الشرقي" تمييزا لهم عن أبناء عمومتهم قواسم عمان "الشارقة ورأس الخيمة".
من أشهر حكام هذه الإمارة القاسمية الشيخ قضيب بن راشد بن مطر القاسمي وابنه الشيخ محند بن قضيب، والشيخ سعيد بن قضيب والشيخ خليفة بن سعيد القاسمي وابنه الشيخ محند بن قضيب، والشيخ سعيد بن قضيب والشيخ خليفة بن سعيد القاسمي وابنه الشيبخ علي بن خليفة القاسمي والشيخ محمد خليفة القاسمي.
تولى حكم هذه الإمارة في الفترة ( 1874- 1886) أحد أعيان الأسرة القاسمية ويدعى يوسف بن محند الذي عين وصيا على الشيخ يوسف بن محمد الطي عين وصيا على الشيخ علي بن خليفة فخان الثقة التي أولتها له الأسرة القاسمية إذ قام باغتيال الشيخ علي قدرا وغيلة، وحكم الإمارة وفي عهده بدا التدخل الفارسي في الشؤون الداخلية للنجة، فكان ذلك بداية النهاية لهذه الإمارة، وهذا ما دعا الحكومة الفارسية إلى القول بان يوسف بن محمد مؤسس السيادة الفارسية عل لنجة وأحد رعاياها.
(**) الواقع أن أطماع إبران في جزر الخليج العربي لها جذور ضاربة في أعماق التاريخ بيد أنها ظهرت بشكل واضح في عهد الدولة الصفوية وبالتحديد في زمن ناصر الدين شاه الصفوي الذي اتخذ سياسة توسعية نشيطة في الخليج العربي، ثم امتدت هذه السياسة التوسعية لتطال الجزر التي كانت تحت السيادة العربية، فاحتلت الجزر التي كانت تحت السيادة العربية، فاحتلت جزر الجسم وهنسجان وفارور و قيس و سري ...الخ، وكانت آخر ثلاث جزر عربية احتلتها إيران عام 1971 هي جزيرة أبو موسى طنب الكبرى وطنب الصغرى في عهد الأسرة البهلوية
المصدر:
سامي الريامي
التاريخ: 22 أبريل 2010

‏«حياة بدائية»، تلك التي يعيشها أهلنا وإخواننا مواطنو الإمارات في جزيرة أبوموسى تحت الاحتلال الإيراني المستمر منذ بداية السبعينات، فقوات الاحتلال تعمل ليل نهار على تضييق الخناق على أهالي الجزيرة، وتكرس إجراءات وخطط فصلهم عن وطنهم الأم، فتعمد إلى منع المساعدات الإماراتية لهم، وتمنع مئات الأسر المواطنة في الجزيرة من الذهاب والعودة بحرية إلى وطنهم الإمارات، وبالتالي فإن المساعدات التي تصل إليهم تكاد تكون معدومة، وسبل ووسائل الحياة الكريمة المتطورة كافة أيضاً تكاد تكون معدومة في الجزيرة، وكل ذلك بفعل فاعل، وبالأسلوب ذاته الذي تمارسه قوات الاحتلال في أي زمان ومكان.
مواطنو الإمارات الذين ينتمون إلى الدولة، ويرتدون زيها الوطني، وينطقون بلسان عربي، هم سند الدولة لتكريس الهوية العربية في الجزيرة المحتلة، وهم الدليل القاطع على عروبتها، ووجودهم هناك أمر في غاية الأهمية للحفاظ على ديموغرافية الجزيرة المهددة، وممارسات سلطات وجيش الاحتلال تصبّ جميعها في خانة تضييق الحياة عليهم لإجبارهم على الرحيل، وهذا ما لا يمكن أن نقبل به، فأهلنا هناك بحاجة إلى «هبة» و«فزعة» من إخوانهم في الإمارات لتثبيتهم ودعمهم وتقديم العون لهم حتى يبقوا في منازلهم وبيوتهم.
بالتأكيد المسألة ليست سهلة، ولا أعرف تحديداً ما أفضل الوسائل لذلك، لكن المسألة أصبحت قليلة الخيارات، بل إن خيار دعم صمود إخواننا في أبوموسى، أصبح الآن هو الوحيد في ظل التعنت الإيراني، وفي ظل رفض قوات الاحتلال وصول الأطباء والمدرسين والممرضين لمساعدة الأهالي، وفي ظل خنق الأهالي وعزلهم عن وطنهم الأم.
لا هواتف في الجزيرة سوى هاتف واحد فقط، ولا خطوط إنترنت أو حتى صحف، ووسائل إعلام محلية تجعل أهلها على تواصل مع دولتهم المعزولين عنها، ولا أطباء أو ممرضين، ولكم أن تتخيلوا كيف يمكن أن يقضي الناس ساعات يومهم وهم محاصرون من كل الجهات بقوات احتلال تتحكم في خطواتهم ومعيشتهم وأكلهم وشربهم!
من المضحك حقاً استمرار الأسطوانة السقيمة التي ترددها إيران دائماً عن «سوء الفهم» بينها وبين الإمارات حول الجزر، فالاحتلال بوضع اليد وبالقوة العسكرية لا علاقة له بسوء الفهم، فهو يبقى احتلالاً بكل لغات العالم، ولا فرق بينه وبين الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين وسورية، فالأسلوب واحد، والممارسات واحدة، والتعنت، والجبروت، واستخدام لغة القوة والتهديد والغطرسة واحدة.
بعد ذلك، ليس من الغريب أبداً أن يخرج سمو الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية، بتصريحات واقعية مؤلمة حول الوضع في أبوموسى، على الرغم من هدوئه ودبلوماسيته وخطواته المدروسة، ومبادراته الكثيرة التي أطلقها منذ توليه الوزارة تخص الملف الإيراني، فسموه زار إيران أكثر من مرة، وأبدى الكثير من حسن النوايا، ودعم عمل اللجان المختلفة بين البلدين، وفتح صفحات بيضاء نقية من الحوار، ومد يده لحل المشكلة، وحاول بشكل ثنائي وكذلك بوساطات من دول أخرى، لكن ذلك لم يغير في الموقف الإيراني شيئاً، ما يجعل صفة «التعنت» مرادفاً دائماً للسياسة الخارجية الإيرانية، وبالتالي عندما يصرح عبدالله بن زايد فهو الأدرى والأعرف بخفايا المشكلة وخطورتها، وعندما يقول «ظل الجانب الإيراني متعنتاً ورافضاً كل المبادرات»، فهذا يعني أنه رأى من الإيرانيين ما لا يمكن لنا أن ندركه أو نشعر به.

reyami@emaratalyoum.com
مشاهدة افلام اون لاين